الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ( 103 ) .

قوله تعالى : ( ولو أنهم آمنوا ) : أن وما عملت فيه مصدر في موضع رفع بفعل محذوف ; لأن " لو " تقتضي الفعل تقديره لو وقع منهم أنهم آمنوا ; أي إيمانهم ، ولم يجزم بلو ; لأنها تعلق الفعل الماضي بالفعل الماضي ، والشرط خلاف ذلك .

( لمثوبة ) : جواب لو ; ومثوبة مبتدأ و : " من عند الله " صفته ، و : " خير " خبره .

وقرئ : مثوبة ، بسكون الثاء وفتح الواو ، قاسوه على الصحيح من نظائره نحو مقتلة .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا . . . . . . . . ( 104 ) ) .

قوله تعالى : ( راعنا ) : فعل أمر ، وموضع الجملة نصب بـ ( تقولوا ) .

وقرئ شاذا " راعنا " بالتنوين ; أي لا تقولوا قولا راعنا .

قال تعالى : ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء . . . . . . ( 105 ) ) .

قوله تعالى : ( ولا المشركين ) : في موضع جر عطفا على أهل ، وإن كان قد قرئ : " ولا المشركون " بالرفع فهو معطوف على الفاعل .

( أن ينزل ) : في موضع نصب بـ ( يود ) . ( من خير ) : من زائدة . و ( من ربكم ) : [ ص: 87 ] لابتداء غاية الإنزال . ويجوز أن يكون صفة لخير ، إما جرا على لفظ خير ، أو رفعا على موضع " من خير " ( يختص برحمته من يشاء ) : أي من يشاء اختصاصه ; فحذف المضاف فبقي من يشاؤه ، ثم حذف الضمير ، ويجوز أن يكون يشاؤه يختاره فلا يكون فيه حذف مضاف .

قال تعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها . . . . . . . . . . . . ( 106 ) ) .

قوله : ( ما ننسخ ) : ما شرطية جازمة لننسخ منصوبة الموضع بـ ( ننسخ ) مثل قوله : ( أيا ما تدعوا ) [ الإسراء : 110 ] وجواب الشرط : ( ( نأت بخير منها ) ) .

و ( من آية ) : في موضع نصب على التمييز ، والمميز : " ما " . والتقدير : أي شيء ننسخ من آية ، ولا يحسن أن يقدر أي آية ننسخ ; لأنك لا تجمع بين هذا وبين التمييز بآية ، ويجوز أن تكون زائدة ، وآية حالا ، والمعنى : أي شيء ننسخ قليلا أو كثيرا .

وقد جاءت الآية حالا في قوله تعالى : ( هذه ناقة الله لكم آية ) [ الأعراف : 73 ] وقيل : " ما " هنا مصدرية ، وآية مفعول به ، والتقدير : أي نسخ ننسخ آية .

ويقرأ : " ننسخ " بفتح النون وماضيه نسخ ، ويقرأ بضم النون وكسر السين ماضيه أنسخت ، يقال : أنسخت الكتاب أي عرضته للنسخ .

( أو ننسأها ) : معطوف على ننسخ .

ويقرأ بغير همز على إبدال الهمزة ألفا .

ويقرأ تنسها بغير ألف ولا همز ، وننسها بضم النون وكسر السين ، وكلاهما من نسي إذا ترك ، ويجوز أن يكون من نسأ إذا أخر ، إلا أنه أبدل الهمزة ألفا .

ومن قرأ بضم النون حمله على معنى نأمرك بتركها أو بتأخيرها ، وفيه مفعول محذوف والتقدير : ننسكها .

التالي السابق


الخدمات العلمية