الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ( 172 ) أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) ( 173 ) .

قوله تعالى : ( وإذ أخذ ) : أي : واذكر . ( من ظهورهم ) : بدل من بني آدم ؛ أي : من ظهور بني آدم ، وأعاد حرف الجر مع البدل ، وهو بدل الاشتمال . ( أن تقولوا ) : بالياء والتاء ، وهو مفعول له ؛ أي : مخافة أن تقولوا ، وكذلك : ( أو تقولوا ) .

[ ص: 450 ] قال تعالى : ( ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ) ( 176 ) .

قوله تعالى : ( إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) : الكلام كله حال من الكلب تقديره : يشبه الكلب لاهثا في كل حال .

قال تعالى : ( ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ) ( 177 ) .

قوله تعالى : ( ساء ) : هو بمعنى بئس ، وفاعله مضمر ؛ أي : ساء المثل . و ( مثلا ) : مفسر " القوم " ؛ أي : مثل القوم ، لا بد من هذا التقدير ؛ لأن المخصوص بالذم من جنس فاعل بئس ، والفاعل المثل ، والقوم ليس من جنس المثل ، فلزم أن يكون التقدير : مثل القوم ، فحذفه وأقام القوم مقامه .

قوله تعالى : ( لجهنم ) : يجوز أن يتعلق بذرأنا ؛ وأن يتعلق بمحذوف على أن يكون حالا من : كثير ؛ أي : كثيرا لجهنم ، و ( من الجن ) : نعت لكثير . ( لهم قلوب ) : نعت لكثير أيضا .

قال تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) ( 180 ) .

قوله تعالى : ( الأسماء الحسنى ) : الحسنى صفة مفردة لموصوف مجموع ، وأنث لتأنيث الجمع . ( يلحدون ) : يقرأ بضم الياء وكسر الحاء ، وماضيه ألحد ، وبفتح الياء والحاء وماضيه لحد ، وهما لغتان .

قال تعالى : ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) ( 181 ) .

قوله تعالى : ( وممن خلقنا ) : نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذي .

قال تعالى : ( والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) ( 182 ) .

قوله تعالى : ( والذين كذبوا ) : مبتدأ ، و ( سنستدرجهم ) : الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف فسره المذكور ؛ أي : سنستدرج الذين .

[ ص: 451 ] قال تعالى : ( وأملي لهم إن كيدي متين ) ( 183 ) .

قوله تعالى : ( وأملي ) : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : وأنا أملي . ويجوز أن يكون معطوفا على " نستدرج " ، وأن يكون مستأنفا .

قال تعالى : ( أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين ) ( 184 ) .

قوله تعالى : ( ما بصاحبهم ) : في " ما " وجهان : أحدهما : نافية ، وفي الكلام حذف تقديره : أولم يتفكروا في قولهم به جنة . والثاني : أنها استفهام ؛ أي : أولم يتفكروا أي شيء بصاحبهم من الجنون مع انتظام أقواله وأفعاله . وقيل : هي بمعنى الذي ، وعلى هذا يكون الكلام خرج عن زعمهم .

قال تعالى : ( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ) ( 185 ) .

قوله تعالى : ( وأن عسى ) : يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة ، وأن تكون مصدرية ، وعلى كلا الوجهين هي في موضع جر عطفا على ملكوت . و ( أن يكون ) : فاعل عسى ، وأما اسم يكون فمضمر فيها وهو ضمير الشأن .

و ( قد اقترب أجلهم ) : في موضع نصب خبر كان ، والهاء في " بعده " ضمير القرآن .

قال تعالى : ( من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون ) ( 186 ) .

قوله تعالى : ( فلا هادي ) : في موضع جزم على جواب الشرط . ( ويذرهم ) : بالرفع على الاستئناف ، وبالجزم عطفا على موضع " فلا هادي " . وقيل : سكنت لتوالي الحركات .

التالي السابق


الخدمات العلمية