الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ( 205 ) ) .

قوله تعالى : ( ليفسد ) : اللام متعلقة بسعى .

( ويهلك ) : بضم الياء وكسر اللام وفتح الكاف معطوف على يفسد ، هذا هو المشهور . وقرئ بضم الكاف أيضا على الاستئناف ، أو على إضمار مبتدأ ; أي وهو يهلك .

وقيل : هو معطوف على يعجبك . وقيل : هو معطوف على معنى سعى ; لأن التقدير : وإذا تولى يسعى .

ويقرأ بفتح الياء وكسر اللام وضم الكاف ورفع الحرث والتقدير : ويهلك الحرث بسعيه . وقرئ بفتح الياء واللام ، وهي لغة ضعيفة جدا .

و ( الحرث ) : مصدر حرث يحرث ، وهو هاهنا بمعنى المحروث .

( والنسل ) : كذلك بمعنى المنسول .

قال تعالى : ( وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ( 206 ) ) .

قوله تعالى : ( العزة بالإثم ) : في موضع نصب على الحال من العزة ; والتقدير : أخذته العزة ملتبسة بالإثم ، ويجوز أن تكون حالا من الهاء ; أي أخذته العزة آثما .

[ ص: 137 ] ويجوز أن تكون الباء للسببية فيكون مفعولا به ; أي أخذته العزة بسبب الإثم .

( فحسبه ) : مبتدأ ، و : ( جهنم ) : خبره .

وقيل : جهنم فاعل حسبه ، لأن حسبه في معنى اسم الفاعل ; أي كافيه ، وقد قرئ بالفاء الرابطة للجملة بما قبلها وسد الفاعل مسد الخبر وحسب مصدر في موضع اسم الفاعل . ( ولبئس المهاد ) : المخصوص بالذم محذوف ; أي ولبئس المهاد جهنم .

قال تعالى : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد ( 207 ) ) .

قوله تعالى : ( ابتغاء مرضاة الله ) : الجمهور على تفخيم مرضاة .

وقرئ بالإمالة لتجانس كسرة التاء . وإذا اضطر حمزة هنا إلى الوقف وقف بالتاء ، وفيه وجهان : أحدهما : هو لغة في الوقف على تاء التأنيث حيث كانت .

والثاني : أنه دل بالوقف على التاء على إرادة المضاف إليه ، فهو في تقدير الوصل .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ( 208 ) ) .

قوله تعالى : ( في السلم ) : يقرأ بكسر السين وفتحها مع إسكان اللام وبفتح السين واللام ; وهو الصلح ، ويذكر ويؤنث ومنه قوله تعالى : ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) [ الأنفال : 61 ] . ومنهم من قال الكسر بمعنى الإسلام ; والفتح بمعنى الصلح .

( كافة ) : حال من الفاعل في ادخلوا . وقيل : هو حال من السلم ; أي في السلم من جميع وجوهه .

[ ص: 138 ] قال تعالى : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ( 210 ) ) .

قوله تعالى : ( هل ينظرون ) : لفظه لفظ الاستفهام ، ومعناه النفي ولهذا جاءت بعده إلا . ( في ظلل ) : يجوز أن يكون ظرفا ، وأن يكون حالا ، والظلل جمع ظلة .

ويقرأ : في ظلال ; قيل : هو جمع ظل وقيل : جمع ظلة أيضا مثل خلة وخلال وقلة وقلال . ( من الغمام ) : يجوز أن يكون وصفا لظلل ; ويجوز أن تتعلق من بيأتيهم ; أي يأتيهم من ناحية الغمام . والغمام جمع غمامة . ( والملائكة ) : يقرأ بالرفع عطفا على اسم الله ، وبالجر عطفا على ظلل ، ويجوز أن يعطف على الغمام .

التالي السابق


الخدمات العلمية