قال تعالى : ( قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ( 183 ) ) .
قوله تعالى : ( الذين قالوا ) : هو في موضع جر بدلا من قوله : ( الذين قالوا ) [ آل عمران : 181 ] ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعني ، ورفعا على إضمار " هم " . ( ألا نؤمن ) : يجوز أن يكون في موضع جر على تقدير بأن لا نؤمن ; لأن معنى عهد وصى . ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير حرف الجر وإفضاء الفعل إليه . ويجوز أن ينتصب بنفس عهد ; لأنك تقول عهدت إليه عهدا لا على أنه مصدر ; لأن معناه ألزمته . ويجوز أن تكتب أن مفصولة وموصولة ، ومنهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد .
( حتى يأتينا بقربان ) : فيه حذف مضاف ; تقديره : بتقريب قربان ; أي يشرع لنا ذلك .
قال تعالى : ( جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك ( 184 ) ) .
قوله تعالى : ( والزبر ) : يقرأ بغير باء ، اكتفاء بحرف العطف ، وبالباء على إعادة الجار ، والزبر جمع زبور مثل رسول ورسل ( والكتاب ) : جنس .
قال تعالى : ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ( 185 ) ) .
قوله تعالى : ( كل نفس ) : مبتدأ ; وجاز ذلك وإن كان نكرة لما فيه من العموم ; و ( ذائقة الموت ) : الخبر ، وأنث على معنى كل ; لأن كل نفس نفوس ولو ذكر على لفظ كل جاز ، وإضافة ( ذائقة ) غير محضة ; لأنها نكرة يحكى بها الحال وقرئ شاذا : ذائقة الموت بالتنوين والإعمال ، ويقرأ شاذا أيضا " ذائقه الموت " على جعل الهاء ضمير كل [ ص: 250 ] على اللفظ ، وهو مبتدأ وخبر . ( وإنما ) : " ما " هاهنا كافة ; فلذلك نصب " أجوركم " بالفعل ، ولو كانت بمعنى الذي أو مصدرية لرفع أجوركم .
قال تعالى : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور لتبلون في أموالكم وأنفسكم ( 186 ) ) .
قوله تعالى : ( لتبلون ) : الواو فيه ليست لام الكلمة بل واو الجمع حركت لالتقاء الساكنين ، وضمة الواو دليل على المحذوف ، ولم تقلب الواو ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها ; لأن ذلك عارض ، ولذلك لا يجوز همزها مع انضمامها ، ولو كانت لازمة لجاز ذلك .
قال تعالى : ( فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ( 187 ) ) .
قوله تعالى : ( لتبيننه ) ، ( ولا تكتمونه ) : يقرآن بالياء على الغيبة ; لأن الراجع إليه الضمير اسم ظاهر ، وكل ظاهر يكنى عنه بضمير الغيبة .
ويقرآن بالتاء على الخطاب ، تقديره : وقلنا لهم لتبيننه .
ولما كان أخذ الميثاق في معنى القسم ، جاء باللام والنون في الفعل ، ولم يأت بها في يكتمون اكتفاء بالتوكيد في الفعل الأول ; لأن تكتمونه توكيد .