[ ص: 270 ] قوله تعالى : ( ومن لم يستطع ) : شرط وجوابه : " فمما ملكت " . و ( منكم ) : حال من الضمير في يستطع . ( طولا ) : مفعول يستطع . وقيل : هو مفعول له ، وفيه حذف مضاف ؛ أي : لعدم الطول . وأما " أن ينكح " ففيه وجهان : : أحدهما هو بدل من طول ، وهو بدل الشيء من الشيء ، وهما لشيء واحد ؛ لأن الطول هو القدرة ، أو الفضل ، والنكاح قوة وفضل . والثاني : أن لا يكون بدلا ؛ بل هو معمول طول ، وفيه على هذا وجهان : أحدهما : هو منصوب بطول ؛ لأن التقدير : ومن لم يستطع أن ينال نكاح المحصنات ، وهو من قولك : طلته ؛ أي : نلته ، ومنه قول : الفرزدق
إن صخرة عادية طالت فليس ينالها الأوعالا الفرزدق
.؛ أي : طالت الأوعالا . والثاني : أن يكون على تقدير حذف حرف الجر ؛ أي : إلى أن ينكح ، والتقدير : ومن لم يستطع وصلة إلى نكاح المحصنات .
وقيل : المحذوف اللام ؛ فعلى هذا يكون في موضع صفة طول والطول المهر ؛ أي : مهرا كائنا لأن ينكح .
وقيل : هو مع تقدير اللام مفعول الطول ؛ أي : طولا لأجل نكاحهن .
( فمن ما ) : في " من " وجهان : أحدهما : هي زائدة ؛ والتقدير : فلينكح ما ملكت .
والثاني : ليست زائدة ، والفعل المقدر محذوف ، تقديره : فلينكح امرأة مما ملكت ، و " من " على هذا صفة للمحذوف وقيل : مفعول الفعل المحذوف " فتياتكم " ؛ ومن الثانية زائدة . و ( والمؤمنات ) : على هذه الأوجه صفة الفتيات . وقيل : مفعول الفعل المحذوف " المؤمنات " ؛ والتقدير : من فتياتكم الفتيات المؤمنات ، وموضع " من فتياتكم " إذا لم تكن " من " زائدة حال من الهاء المحذوفة في ملكت . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ؛ تقديره : فلينكح بعضكم من بعض الفتيات ؛ فعلى هذا يكون قوله : " والله أعلم بإيمانكم " معترضا بين الفعل والفاعل . و ( بعضكم ) : فاعل الفعل المحذوف ، والجيد أن يكون بعضكم مبتدأ . و " من بعض " خبره ؛ أي : بعضكم من جنس بعض في النسب والدين ، فلا يترفع الحر عن الأمة عند الحاجة . وقيل ( فمما ملكت ) : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : فالمنكوحة مما ملكت . ( محصنات ) : حال من المفعول في " وآتوهن " ( ولا متخذات ) : معطوف على محصنات ، والإضافة غير محضة ، والأخدان جمع خدن مثل عدل وأعدال . ( فإذا [ ص: 272 ] أحصن ) : يقرأ بضم الهمزة ؛ أي : بالأزواج ، وبفتحها ؛ أي : فروجهن . ( فإن أتين ) : الفاء جواب إذا . ( فعليهن ) : جواب إن . ( من العذاب ) : في موضع الحال من الضمير في الجار ، والعامل فيها العامل في صاحبها ، ولا يجوز أن تكون حالا من ما ؛ لأنها مجرورة بالإضافة ، فلا يكون لها عامل . ( ذلك ) : مبتدأ . ( لمن خشي ) : الخبر ؛ أي : جائز للخائف من الزنى . ( وأن تصبروا ) : مبتدأ ؛ و ( خير لكم ) : خبره .
قال تعالى : ( ويتوب عليكم والله عليم حكيم يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ) ( 26 ) .
قوله تعالى : ( يريد الله ليبين لكم ) : مفعول يريد محذوف ؛ تقديره : يريد الله ذلك ؛ أي : تحريم ما حرم وتحليل ما حلل ليبين . واللام في ليبين متعلقة بيريد ، وقيل : اللام زائدة ، والتقدير : يريد الله أن يبين ، فالنصب بأن .
قال تعالى : ( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما والله يريد أن يتوب عليكم ) ( 27 ) .
قوله تعالى : ( ويريد الذين يتبعون الشهوات ) : معطوف على قوله : والله يريد أن يتوب عليكم إلا أنه صدر الجملة الأولى بالاسم ، والثانية بالفعل ، ولا يجوز أن يقرأ بالنصب ؛ لأن المعنى يصير : والله يريد أن يتوب عليكم ، ويريد أن يريد الذين يتبعون الشهوات ، وليس المعنى على ذلك .
قال تعالى : ( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ) ( 28 ) .
قوله تعالى : ( وخلق الإنسان ضعيفا ) : ضعيفا حال . وقيل : تمييز ، لأنه يجوز أن يقدر بمن ، وليس بشيء . وقيل : التقدير : وخلق الإنسان من شيء ضعيف ؛ أي : من طين ، أو من نطفة وعلقة ومضغة ، كما قال ( الله الذي خلقكم من ضعف ) [ الروم : 54 ] فلما حذف الجار والموصوف انتصبت الصفة بالفعل نفسه .