قال تعالى : ( فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء ) ( 99 ) .
قوله تعالى : ( فأخرجنا منه خضرا ) : أي : بسببه ، والخضر بمعنى الأخضر .
ويجوز أن تكون الهاء في منه راجعة على النبات ، وهو الأشبه . وعلى الأول يكون فأخرجنا بدلا من أخرجنا الأولى .
( نخرج ) : في موضع نصب صفة لخضرا ، ويجوز أن يكون مستأنفا . والهاء في ( منه ) : تعود على الخضر .
و ( قنوان ) : بكسر القاف وضمها ، وهما لغتان ، وقد قرئ بهما ، والواحد قنو ، مثل : صنو وصنوان ، وفي رفعه وجهان : أحدهما : هو مبتدأ ، وفي خبره وجهان : أحدهما هو : ومن النخل ، ومن طلعها بدل بإعادة الخافض .
والثاني : أن الخبر " من طلعها " وفي من النخل ضمير تقديره : ونبت من النخل شيء أو ثمر ، فيكون من طلعها بدلا منه .
والوجه الآخر : أن يرتفع قنوان على أنه فاعل من طلعها ، فيكون في من النخل ضمير تفسيره قنوان ، وإن رفعت قنوان بقوله : " ومن النخل " على قول من أعمل أول الفعلين جاز ، وكان في من طلعها ضمير مرفوع ، وقرئ في الشاذ : قنوان بفتح القاف ؛ وليس بجمع قنو ؛ لأن فعلانا لا يكون جمعا ، وإنما هو اسم للجمع كالباقر .
( وجنات ) : بالنصب : عطفا على قوله : " نبات كل شيء " ؛ أي : وأخرجنا به جنات ، ومثله : " والزيتون والرمان " .
ويقرأ بضم التاء على أنه مبتدأ ، وخبره محذوف ، والتقدير : من الكرم جنات .
[ ص: 392 ] ولا يجوز أن يكون معطوفا على قنوان ؛ لأن العنب لا يخرج من النخل ، و " من أعناب " صفة لجنات . و : ( مشتبها ) : حال من الرمان ، أو من جميع .
و ( إذا ) : ظرف لانظروا .
و ( ثمره ) : يقرأ بفتح الثاء والميم ، جمع ثمرة ، مثل تمرة وتمر ، وهو جنس في التحقيق لا جمع ، ويقرأ بضم الثاء والميم ، وهو جمع ثمرة مثل خشبة وخشب ، وقيل : هو جمع ثمار مثل كتاب وكتب ، فهو جمع جمع ، فأما الثمار فواحدها ثمرة مثل خيمة وخيام .
وقيل : هو جمع ثمر . ويقرأ بضم الثاء وسكون الميم ، وهو مخفف من المضموم .
( وينعه ) : يقرأ بفتح الياء وضمها ، وهما لغتان ، وكلاهما مصدر ينعت الثمرة .
وقيل : هو اسم للمصدر ، والفعل أينعت إيناعا ، ويقرأ في الشاذ : " يانعه " على أنه اسم فاعل .
قال تعالى : ( بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات ) ( 100 ) .
قوله تعالى : ( وجعلوا ) : هي بمعنى صبروا ، ومفعولها الأول : " الجن " ، والثاني : " شركاء " . ولله يتعلق بشركاء ، ويجوز أن يكون نعتا لشركاء قدم عليه فصار حالا . ويجوز أن يكون المفعول الأول شركاء والجن بدلا منه ، ولله المفعول الثاني .
( وخلقهم ) : أي : وقد خلقهم ، فتكون الجملة حالا . وقيل : هو مستأنف .
وقرئ في الشاذ و " خلقهم " بإسكان اللام وفتح القاف ، والتقدير : وجعلوا إله خلقهم شركاء . ( وخرقوا ) : بالتخفيف ، والتشديد للتكثير .
( بغير علم ) : في موضع الحال من الفاعل في خرقوا ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف ؛ أي : خرقا بغير علم .
قال تعالى : ( ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ) ( 101 ) .
[ ص: 393 ] قوله تعالى : ( بديع السماوات ) : في رفعه ثلاثة أوجه : أحدها : هو فاعل " تعالى " . والثاني : هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هو بديع .
والثالث : هو مبتدأ ، وخبره " أنى يكون له " وما يتصل به .
و ( أنى ) : بمعنى كيف ، أو من أين ، وموضعه حال ، وصاحب الحال " ولد " ؛ والعامل يكون .
ويجوز أن تكون تامة ، وأن تكون ناقصة .
: ( ولم تكن ) : يقرأ بالتاء على تأنيث الصاحبة .
ويقرأ بالياء وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه للصاحبة ، ولكن جاز التذكير لما فصل بينهما .
والثاني : أن اسم كان ضمير اسم الله ، والجملة خبر عنه ؛ أي : ولم يكن الله له صاحبته . والثالث : أن اسم كان ضمير الشأن ، والجملة مفسرة له .
قال تعالى : ( وهو على كل شيء وكيل ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه ) ( 102 ) .
قوله تعالى : ( ذلكم ) : مبتدأ ، وفي الخبر أوجه : أحدها : هو : " الله " و ( ربكم ) : خبر ثان . و " لا إله إلا هو " ثالث ، و " خالق كل " رابع . والثاني : أن الخبر " الله " وما بعده إبدال منه . والثالث : أن " الله " بدل من ذلكم ، والخبر ما بعده .