[ ص: 434 ] قال تعالى : ( أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ) ( 88 ) .
قوله تعالى : ( أولو كنا كارهين ) : أي : ولو كرهنا تعيدوننا . " ولو " هنا بمعنى إن ؛ لأنه المستقيل . ويجوز أن تكون على أصلها ، ويكون المعنى إن كنا كارهين في هذه الحال .
قال تعالى : ( وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها ) ( 89 ) .
قوله تعالى : ( قد افترينا ) : هو بمعنى المستقبل ؛ لأنه لم يقع ، وإنما سد مسد جواب " إن عدنا " . وساغ دخول قد هاهنا ؛ لأنهم قد نزلوا الافتراء عند العود منزلة الواقع ، فقرنوه بقد ، وكأن المعنى قد افترينا الآن إن هممنا بالعود . ( إلا أن يشاء ) : المصدر في موضع نصب على الاستثناء ، والتقدير : إلا وقت أن يشاء الله . وقيل : هو استثناء منقطع . وقيل : إلا في حال مشيئة الله . و ( علما ) : قد ذكر في الأنعام .
قال تعالى : ( وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون ) ( 90 ) .
قوله تعالى : ( إذا لخاسرون ) : " إذا " هنا متوسطة بين اسم إن وخبرها ، وهي حرف معناه الجواب ، ويعمل في الفعل بشروط مخصوصة ، وليس ذا موضعها .
قال تعالى : ( الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) ( 92 ) .
قوله تعالى : ( الذين كذبوا شعيبا ) : لك فيه ثلاثة أوجه : أحدها : هو مبتدأ ، وفي الخبر وجهان : أحدهما : كأن لم يغنوا فيها ، وما بعده جملة أخرى ، أو بدل من الضمير في يغنوا ، أو نصب بإضمار أعني . والثاني : أن الخبر " الذين كذبوا شعيبا كانوا " ، و ( كأن لم يغنوا ) على هذا حال من الضمير في كذبوا . والوجه الثاني : أن يكون صفة لقوله : ( الذين كفروا من قومه ) [ الأعراف : 90 ] . والثالث : أن يكون بدلا منه ، وعلى الوجهين يكون " كأن لم " حالا .
قال تعالى : ( فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء ) ( 95 ) .
قوله تعالى : ( حتى عفوا ) : أي : إلى أن عفوا ؛ أي : كثروا .
( فأخذناهم ) : هو معطوف على عفوا .
[ ص: 435 ] قال تعالى : ( أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ) ( 98 ) .
قوله تعالى : ( أوأمن أهل القرى ) : يقرأ بفتح الواو على أنها واو العطف ، دخلت عليه همزة الاستفهام . ويقرأ بسكونها ؛ وهي لأحد الشيئين ، والمعنى : أفأمنوا إتيان العذاب ضحى ، أو أمنوا أن يأتيهم ليلا ؟ . و ( بياتا ) : الحال من بأسنا ؛ أي : مستخفيا باغتيالهم ليلا .
قال تعالى : ( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) ( 99 ) .
قوله تعالى : ( فلا يأمن مكر الله ) : الفاء هنا للتنبيه على تعقيب العذاب " أمن مكر الله " .
قال تعالى : ( ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ) ( 100 ) .
قوله تعالى : ( أولم يهد للذين ) : يقرأ بالياء ، وفاعله : " أن لو نشاء " ، وأن مخففة من الثقيلة ؛ أي : أولم يبين لهم علمهم بمشيئتنا ، ويقرأ بالنون ، وأن لو نشاء مفعوله . وقيل : فاعل يهدي ضمير اسم الله تعالى . ( فهم لا يسمعون ) : الفاء لتعقيب عدم السمع بعد الطبع على القلب من غير فصل .
قال تعالى : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ) ( 101 ) .
قوله تعالى : ( نقص عليك من أنبائها ) : هو مثل قوله : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه ) [ آل عمران : 44 ] وقد ذكر في آل عمران . ومثل قوله تعالى : ( تلك آيات الله نتلوها ) [ البقرة : 252 ] ، وقد ذكر في البقرة .