قال تعالى : ( وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم ) ( 48 ) .
قوله تعالى : ( لا غالب لكم اليوم ) : " غالب " هنا مبنية ، ولكم في موضع رفع خبر " لا " ، واليوم معمول الخبر .
و ( من الناس ) : حال من الضمير في لكم ، ولا يجوز أن يكون " اليوم " منصوبا بـ " غالب " ، ولا من الناس حالا من الضمير في " غالب " ؛ لأن اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لا يجوز بناؤه .
والألف في " جار " بدل من واو لقولك جاورته .
[ ص: 465 ] و ( على عقبيه ) : حال .
قال تعالى : ( غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ) ( 49 ) .
قوله تعالى : ( إذ يقول المنافقون ) : أي : اذكروا ، ويجوز أن يكون ظرفا لزين ، أو لفعل من الأفعال المذكورة في الآية مما يصح به المعنى .
قال تعالى : ( يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة ) ( 50 ) .
قوله تعالى : ( يتوفى ) : يقرأ بالياء ، وفي الفاعل وجهان : أحدهما : " الملائكة " ، ولم يؤنث للفصل بينهما ، ولأن تأنيث الملائكة غير حقيقي ، فعلى هذا يكون " يضربون وجوههم " حالا من الملائكة ، أو حالا من الذين كفروا ؛ لأن فيها ضميرا يعود عليهما . والثاني : أن يكون الفاعل مضمرا ؛ أي : إذ يتوفى الله ، والملائكة على هذا مبتدأ ، ويضربون الخبر ، والجملة حال ، ولم يحتج إلى الواو لأجل الضمير ؛ أي : يتوفاهم والملائكة يضربون وجوههم ، ويقرأ بالتاء والفاعل الملائكة .
قال تعالى : ( فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله ) ( 52 ) .
قوله تعالى : ( كدأب ) : قد ذكر في آل عمران ما يصح منه إعراب هذا الموضع .
قال تعالى : ( حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم ) ( 53 ) .
قوله تعالى : ( وأن الله سميع عليم ) : يقرأ بفتح الهمزة ؛ تقديره : ذلك بأن الله لم يك مغيرا ، وبأن الله سميع ، ويقرأ بكسرها على الاستئناف .
قال تعالى : ( في كل مرة وهم لا يتقون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم ) ( 56 ) .
قوله تعالى : ( الذين عاهدت ) : يجوز أن يكون بدلا من الذين الأولى ، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هم الذين .
[ ص: 466 ] ويجوز أن يكون نصبا على إضمار أعني ، و : منهم حال من العائد المحذوف .
قال تعالى : ( لعلهم يذكرون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم ) ( 57 ) .
قوله تعالى : ( فإما تثقفنهم ) : إذا أكدت " إن " الشرطية بـ " ما " أكد فعل الشرط بالنون ليتناسب المعنى .
( فشرد بهم ) : الجمهور على الدال ، وهو الأصل .
وقرأ بالذال ، وهو بدل من الدال ، كما قالوا خراديل وخزاذيل . وقيل : هو مقلوب من شذر بمعنى فرق ، ومنه قولهم : تفرقوا شذر مذر ، ويجوز أن تكون من شذر في مقاله إذا أكثر فيه ، وكل ذلك تعسف بعيد . الأعمش