الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:

      لواقح إمامهم أذان بتوبة عاليها الألوان


      غضبان جاوزنا وفي صلصال     وشفعاؤنا لهن تالي

      أخبر عن أبي داود بحذف ألف الألفاظ التسعة المذكورة في البيتين وهي: "لواقح"، و: "إمامهم"، و: "أذان"، "بالتوبة"، و: "عاليها" و: "الألوان"، و: "غضبان"، و: "جاوزنا"، و: "صلصال"، و: "شفعاؤنا".

      أما "لواقح ففي "الحجر": وأرسلنا الرياح لواقح لا غير.

      وأما "إمامهم" ففي "الإسراء": يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ، واحترز بقيد الإضافة عن غير المضاف نحو: لبإمام مبين فإن ألفه ثابتة.

      وأما "أذان" في "التوبة" فهو: وأذان من الله ورسوله إلى الناس ، وقيده "بالتوبة" مخافة تصحيف مقصور الهمزة بممدودها الثابت ألفه نحو: أم لهم آذان يسمعون بها لصحة الوزن على كليهما لا للاحتراز; لأن "أذان" المقصور لم يقع إلا في "التوبة".

      وأما "عاليها" ففي "هود": جعلنا عاليها سافلها ، ومثله الحجر، ولا يخفى أنه لا يندرج فيه "عاليهم".

      وأما "الألوان" ففي "النحل": وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه ، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه وهو متعدد.

      وأما "غضبان" ففي "الأعراف": ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا .

      وأما "جاوزنا" ففي "الأعراف": وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ، ومثله في "يونس"، ولا يخفى أنه لا يندرج فيه: فلما جاوزا .

      وأما "صلصال" ففي "الحجر": وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال ، وقد تعدد في موضعين آخرين منها، وفي "الرحمن".

      وأما "شفعاؤنا" ففي "يونس": ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف الألف في الألفاظ التسعة المذكورة في البيتين، وقوله: "لواقح"، وما بعده من الألفاظ السبعة عطف على الأشهاد، كألفاظ البيت قبل، ودخلت "في" على "صلصال" تأكيدا للداخلة على المعطوف عليه، وهو "الأشهاد"، ونون "لواقح" لضرورة الوزن، والباء في قوله "بتوبة" بمعنى "في".

      وقوله: "شفعاؤنا" مبتدأ، و: "تال"، بمعنى: [ ص: 111 ] تابع، أي: في الحذف خبره، والضمير في "لهن" عائد على الألفاظ السابقة.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية