الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      فصل ونعمت بتاء عشره وواحد منها أخير البقره


      وآل عمران تعد واحده     ومع إذ هم بنص المائده


      ثم بإبراهيم أيضا حرفان     لا أولا وفاطر ولقمان

      [ ص: 236 ]

      ثم ثلاث النحل أعني الأخرا     وواحد في الطور ليس أكثرا


      نعمة ربي عن سليمان رسم     عن ابن قيس وعطاء وحكم

      هذا هو الفصل الثاني من فصول الترجمة وقد ذكر فيه كلمة: "نعمة"، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن "نعمة" رسمت بالتاء في أحد عشر موضعا:

      - الموضع الأول: "واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم" أخير "البقرة"، واحترز بالأخير عن غير الأخير فيها وهو: ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته ، فإنه مرسوم بالهاء.

      - الموضع الثاني: "واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء" في "آل عمران"، ولا يخفى أنه لا يشمل: فانقلبوا بنعمة من الله لعدم الإضافة، ولكن لما خشي توهم دخوله رفعه بقوله: "تعد واحدة".

      - الموضع الثالث: "اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم"، في المائدة وقيده بمصاحبة "إذ هم" احترازا من الذي قبله فيها وهو: واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه ، فإنه مرسوم بالهاء، وقوله: "بنص المائدة"، إيضاح للاستغناء عنه بقيد: "إذ هم".

      - الموضع الرابع والخامس: "ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله"، "وإن تعدوا نعمت الله"، كلاهما في سورة "إبراهيم"، وإليهما أشار بقوله، "ثم بإبراهيم" أيضا "حرفان" أي: كلمتان، واحترز بقوله: "لا أولا" عن الأول فيها وهو: اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم ، فإنه مرسوم بالهاء.

      - الموضع السادس: "اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله" في "فاطر".

      - الموضع السابع: "ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله". في "لقمان".

      - الموضع الثامن والتاسع والعاشر: "وبنعمت الله هم يكفرون"، "يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها"، "واشكروا نعمت الله"، وهي المواضع الثلاثة الأخيرة في "النحل"; ولذا قال الناظم أعني الآخر، واحترز به عن الموضع الأول والثاني فيها وهما: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، أفبنعمة الله يجحدون ، فإنهما مرسومان بالهاء ولا مدخل لغير المضاف هنا وهو: وما بكم من نعمة فمن الله حتى يحتاج إلى الاحتراز عنه.

      - الموضع الحادي عشر: فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون في "الطور" ثم أخبر في البيت الخامس عن سليمان؛ وهو أبو داود بأن "نعمة" المقترن بكلمة [ ص: 237 ] "ربي"، في "الصافات"، وهو: ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين رسم؛ أي: بالتاء عن الغازي بن قيس، وعطاء الخراساني وحكم بن عمران الناقط الأندلسي، وأشعر تخصيص رسم هذا الموضع بالأئمة الثلاثة أن أبا داود نقل عن غيرهم رسمه بالهاء، وهو كذلك وعلى رسمه بالهاء العمل، وقوله: "الأخرى" بمعنى الأخيرة ضد الأولى، والألف فيه وفي قوله "أكثرا" ألف الإطلاق.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية