الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      فدارة تلزم ذا المزيدا من فوقه علامة أن زيد

      [ ص: 326 ] ذكر في هذا البيت علامة الحرف بالمزيد في الخط، وهي الدارة التي تجعل عليه بالحمراء لتدل على أنه زائد، وهي المقصودة بالذكر في هذا الباب كما قدمناه، ومعنى البيت: أن تسأل عن حكم هذه الأحرف الزوائد المتقدمة، فالدارة تلزمها من فوقها، فالإشارة بقوله: "ذا المزيد" تعود على الأحرف المزيدة في الأنواع الثلاثة عشر المتقدمة، وهي أنواع زيادة الألف العشرة، ونوعا زيادة الياء المتقدمان ونوع زيادة الواو، واحترز بقوله "ذا المزيدا" من غير ما ذكر، وذلك ما بقي من أنواع الزوائد التي ذكرها في الرسم، فقد بقي من الألف الزائد أربعة أنواع، وهي التي قدمناها في شرح قوله: "وبعد واو الفرد ثم تفتؤا" البيت، وإنما احترز عنها; لأنها لا تجعل فيها الدارة لما قدمناه، وبقي من أنواع الياء الزائدة نوع واحد، وهو ما زيد فيه الياء قبل ياء مشددة نحو: بأييكم ، وإنما احترز عنه; لأنه صرح فيه بعد هذا البيت بأنه يعرى من الدارة، ولذلك أخره عن هذا البيت، و: "أن" في قوله "علامة أن زيد" بفتح الهمزة على حذف الجار قبلها أي: علامة لزيادته، وأشار بهذا إلى أن علة لزوم الدارة للحرف المزيد هي الدلالة على الزيادة؛ أي: في الخط، وقال غير الناظم: العلة في ذلك الدلالة على سقوط تلك الأحرف من اللفظ، وقد أخذ النقاط تلك الدارة من الصفر عند أهل العدد الدال على خلو المنزلة.

      "واعلم" أن ما ذكره الناظم وغيره من جعل الدارة فوق الحرف المزيد لم يبينوا فيه هل هي متصلة بالحرف أو منفصلة عنه، واضطرب رأي المتأخرين فيه والصحيح كونها منفصلة، كما هي في الساكن.

      "تنبيه": اختلف النقاط في جعل الدارة على الحرف المخفف إذا خيف تشديده .

      فمذهب نقاط المدينة والأندلس -واختاره الداني - جعل الدارة عليه دلالة على أنه خال من الشد سواء كان مما اتفق على تخفيفه نحو: العالين ، و: العادون ،: وصدق المرسلون ،: فقطع دابر القوم ، و: ثلثي الليل ، و: وتعيها ، أو اختلف في تشديده إذا قرأته بالتخفيف نحو: ما كذب الفؤاد ، فقدر عليه و: جمع مالا ، ومن النقاط من لا يجعل عليه الدارة، ويرى تعريته من الشد كافية، واختاره أبو داود، وكأن الناظم على اختياره اعتمد، [ ص: 327 ] ولهذا لم يتعرض لجعل الدارة على الحرف المخفف إذا خيف تشديده، وبعدم جعلها عليه جرى عمل المتأخرين طلبا للاختصار،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية