الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      ومثل هذا حكمها يكون إن لم يكن همز ولا سكون


      في كل ما قد زدته من ياء     أو صلة أتتك بعد الهاء

      تعرض هنا إلى حكم حروف المد الساقطة في الخط إذا لم يكن بعدها همز ولا سكون، فأخبر أنه يخير فيها بين أن تلحق بالحمراء، وبين أن يستغنى عن إلحاقها بجعل المط في موضعها، كما خير فيها إذا كان بعدها همز أو سكون، فاسم الإشارة في قوله: "ومثل هذا" راجع إلى التخيير المتقدم، والضمير في حكمها يعود على حروف المد الساقطة، فإن قلت: ظاهر قول الناظم: "ومثل هذا حكمها" البيت، يقتضي وضع المط على حروف المد الملحقة إذا لم يكن بعدها همز، ولا سكون مع أنه لا يوضع عليها حينئذ. "فالجواب" أن مراد الناظم أن ما هنا مثل ما تقدم في [ ص: 268 ] التخيير في الإلحاق وعدمه لا فيما زاد على ذلك؛ إذ من المعلوم أن المط إنما يوضع على حروف المد إذا كان بعدها همز أو سكون، ثم أشار إلى موضع التخيير المذكور هنا بقوله: "في كل ما قد زدته من ياء" البيت، أي: في كل ما قرأته لنافع بزيادة الياء، وفي كل صلة أتتك بعد هاء الضمير.

      والمراد بزيادة الياء زيادتها في اللفظ على خط المصحف سواء كانت أصلية كالياء في: يوم يأتي ، وفي المهتدي ، أو زائدة على أصول الكلمة كالياء في: أن يهديني ، وفي "إذا دعاني"، والمراد بصلة الهاء صلة هاء ضمير الواحد المذكر سواء كانت واوا أو ياء نحو: إن ربه كان به بصيرا ، ومثل صلة هاء الضمير في التخيير المذكور صلة ميم الجمع إذا لم يقع بعدها همز، وكأن الناظم لم يتعرض لها لكونه بنى نظمه على قراءة نافع من رواية ورش وقالون، ولا شك أن ورشا روى عن نافع إسكان ميم الجمع إذا لم يقع بعدها همز، والأشهر عن قالون إسكانها.

      واعلم أن ما ذكره الناظم من التخيير في الياء الزائدة، وفي صلة هاء الضمير ومثلها صلة ميم الجمع، هو مما انفرد به أبو داود، وأما الداني فليس عنده في ذلك إلا الإلحاق، ولا يكتفى فيه بالمد عنده، ومذهب الداني هو الأصح الذي جرى به عملنا، واحترز الناظم بقوله: "إن لم يكن همز ولا سكون" عما كان فيه بعد حرف المد همز نحو: لئن أخرتن إلى ، و: تأويله إلا ، و: "به إن كنتم"، فإنه داخل في قوله السابق: "وإن تكن ساقطة في الخط" إلخ، وأما ما كان فيه بعد حرف المد ساكن نحو: به الله ، و: "بالواد المقدس" فإنه لا صلة فيه، ولا زيادة حتى يحترز عنه، غير أنه وقعت الزيادة قبل الساكن في موضع واحد، لكن مع تحريك الياء؛ وذلك قوله تعالى: "آتيني الله" في "النمل"، فلعل الناظم منه احترز،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية