الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      أولى تشابه وإن تظاهرا تظاهرون وكذا تظاهرا


      وأطلق الجميع في التنزيل     بأي ما لفظ على التكميل

      أخبر عن الشيخين بحذف ألف الكلمة الأولى من "تشابه"، وبحذف ألف "وإن تظاهرا"، و: "تظاهرون"، و: "تظاهرا" مخفف الظاء.

      أما الكلمة الأولى من لفظ "تشابه" ففي "البقرة": إن البقر تشابه علينا واحترز بالأولى من غيرها، وستأتي أمثلته قريبا.

      وأما: و: "إن تظاهرا" ففي "التحريم"، وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه .

      وأما "تظاهرون" ففي "البقرة": تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان .

      وأما "تظاهرا" مخفف الظاء ففي "القصص": قالوا سحران تظاهرا ثم أخبر عن أبي داود بأنه أطلق في "التنزيل" الحذف في جميع أفعال القتال، وجميع الألفاظ المشتقة من مادة شبه، ومن مادة ظهر.

      أما أفعال القتال فنحو الثمانية المتقدمة في قوله "كذا، وقاتلوهم" الأبيات الثلاثة، ونحو: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة و: قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا و: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و: قاتلهم الله .

      وأما الألفاظ المشتقة من مادة شبه فنحو ما تقدم ونحو: تشابهت قلوبهم فيتبعون ما تشابه منه متشابها وغير متشابه .

      وأما الألفاظ المشتقة من مادة "ظهر"، فنحو ما تقدم ونحو: ولم يظاهروا عليكم أحدا وذروا ظاهر الإثم فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا .

      هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، ولا يندرج في كلام الناظم هنا "متشابهات"، و: "ظاهرين"; لأن حكمهما علم مما ذكره الناظم في الجمع السالم بقسميه، فلو أدرجا هنا لزم التكرار مع إيهام أن أبا عمرو لا يحذفهما.

      وإنما خصصنا في حل كلام الناظم مادة القتال بالأفعال دون الأسماء، وعممنا في مادتي "شبه"، و: "ظهر"; لأن مراد الناظم بقوله: و: "أطلق الجميع" أن أبا داود أطلق ما وجد من تلك المواد مماثلا للألفاظ السابقة في وقوع الألف بعد القاف [ ص: 78 ] في مادة: "قتل"، وبعد الشين في مادة: "شبه"، وبعد الظاء في مادة: "ظهر"، ولم يوجد في القرآن من مادة: "قتل"، اسم فيه الألف بعد القاف حتى يخرج عن الإطلاق، نعم، وجد بعد التاء نحو: لو نعلم قتالا ، وهو ثابت الألف، وقد وجد في مادة: "شبه"، و: "ظهر" الألف في الأسماء بعد الشين والظاء فعمها الإطلاق وعم الأفعال.

      والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في جميع أفعال القتال، وجميع الألفاظ المشتقة من مادة: "شبه"، ومن مادة: "ظهر".

      وقول الناظم "أولى تشابه" عطف على قوله السابق و: "قاتلوهم"، أو على قوله " وموضع" و: "ما" في قوله" بأي ما لفظ" زائدة، وقوله على التكميل للبيت في محل الحال من قوله: "الجميع"، والظاهر أن "على" بمعنى "مع" ومعنى إطلاقها مع تكميلها أن إطلاقها مصحوب بتعميمها.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية