الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وهاك واوا سقطت في الرسم في أحرف للاكتفا بالضم

      أي: خذ واوا حذفت في الرسم، أي: المرسوم، وهو المكتوب في المصاحف، وقوله: "في أحرف" بدل بعض من الرسم، والمراد بالأحرف الكلمات، وهذا من الناظم شروع في الكلام على حذف الواوات من الرسم بعد فراغه من الكلام على حذف: "الألفات" والياءات منه، وقوله: "للاكتفا" بالضم علة لقوله: "سقطت"، وخرج بهذه العلة ما حذف من الواوات للجازم، فلا كلام لأهل الرسم عليه نحو: ومن يدع مع الله إلها آخر .

      الآية. وإن تدع مثقلة إلى حملها . الآية. ومن يعش عن ذكر الرحمن .

      الآية. وقوله: للاكتفا يقرأ بالقصر للوزن.

      ثم قال:


      ويدع الإنسان ويوم يدع     في سورة القمر مع سندع


      ويمح في حاميم مع وصالح     الحذف في الخمسة عنهم واضح

      الواو المحذوفة من الرسم قسمان:

      - مفردة.

      - وغير مفردة.

      وسيتكلم على القسم الثاني في الفصل الآتي، وتكلم في هذين البيتين على القسم الأول، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف الواو عن كتاب المصاحف في خمس كلمات:الكلمة الأولى: "ويدع"، من قوله تعالى: ويدع الإنسان بالشر . في "الإسراء"، واحترز بقيد المجاور وهو لفظ الإنسان عن غير المقترن به؛ وهو في "الحج": يدعو من دون الله ، يدعو لمن ضره أقرب من نفعه ، فإن واوه ثابتة.

      الكلمة الثانية: "يدع" [ ص: 150 ] من قوله تعالى: "يوم يدع الداع"، في سورة "القمر"، واحترز بقيد المجاور وهو لفظ "يوم"، من موضعي الحج، المحترز عنهما قبل، وأما ذكر السورة فإيضاح.

      الكلمة الثالثة: "سندع"، من قوله تعالى: سندع الزبانية ، في "العلق".

      الكلمة الرابعة: "ويمح"، من قوله تعالى: ويمح الله الباطل ، في حاميم الشورى.

      ولا يجوز أن يكون حذف الواو في هذه الكلمة للجزم بالعطف على يختم قبله على معنى إن يشأ الله يمح الباطل; لأن في تعليقه على المشيئة إيهاما؛ إذ قد أخبر الله أنه شاء محو الباطل في قوله تعالى: ليحق الحق ويبطل الباطل . وإنما جملة: ويمح الله الباطل . استئنافية، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها وهو في "الرعد": يمحو الله ما يشاء ويثبت . فإن واوه ثابتة.

      الكلمة الخامسة: و: "صالح". من قوله تعالى: وصالح المؤمنين ، في سورة "التحريم" بناء على أنه جمع مذكر سالم حذفت نونه للإضافة، وواوه للاكتفاء بالضمة وهو أحد قولين فيه، وقيل: إنه مفرد وعليه فلا حذف فيه أصلا وتكون الكلمات المحذوفة منها الواو لما تقدم أربعا فقط، وما تقدم للناظم من أن الواو حذفت من هذه الكلمات للاكتفاء عنها بالضمة قبلها هو الذي نص عليه في المقنع، وذكر بعضهم توجيها آخر وهو حمل الخط على اللفظ في الوصل; لأن الواو تحذف فيه لالتقاء الساكنين.

      "تنبيه": ذكر في المقنع بسنده إلى الفراء أنه قال: حذفت واو الجمع في المصحف في قوله تعالى: نسوا الله . ولم يذكره الناظم لقول أبي عمرو: ولا أعلم ذلك في شيء من المصاحف، والذي حكي عن القراء غلط، ولذا جرى العمل بإثبات الواو في: نسوا الله .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية