الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      وبعد كسر إن أتت مضمومه كذاك أيضا أحرف معلومه


      نحو ننبئهم أنبئك     وبابه وقوله سنقرئك

      لما ذكر حكم الهمزة المتوسطة إذا كانت مفتوحة بعد ضمة أو كسرة، أراد أن يبين حكمها هنا إذا كانت مضمومة بعد كسرة، فأخبر في البيت الأول مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة إذا وقعت مضمومة بعد كسرة، فإنها تصور من جنس حركة ما قبلها أيضا وهو الياء، ولكن لا مطلقا بل في أحرف، أي: كلمات معلومة، أي: محصورة.

      وأما غير تلك الكلمات من بقية كلمات هذه الصورة، فقد صور من حركة نفسه كما يأتي في عموم البيت بعد، وسبب اختلاف كلمات هذه الصورة في الرسم اختلاف لغة العرب، وعلى اختلافها جاء اختلاف النحاة، فذهب الأخفش [ ص: 174 ] إلى أن الهمزة المضمومة بعد كسرة تسهل، إما بين نفسها وبين مجانس حركة ما قبلها، وإما بإبدالها ياء محضة.

      وذهب سيبويه إلى أنها تسهل بينها وبين مجانس حركة نفسها، فجاء المصحف على وفق اللغتين، فصورت الهمزة فيه ياء في كلمات محصورة أشار إليها الناظم في البيت الثاني، وهي: "نبئهم"، و: "أنبئك". وبابه وقوله تعالى: سنقرئك ، والمراد بباب: "ننبئهم" كل ما أتى من لفظه نحو: قل أأنبئكم . ولا ينبئك مثل خبير ، وضابط تلك الكلمات كل ما فيه همزة مضمومة بعد كسرة، ولم تقع فيه بعد الهمزة واو جمع، وصور ما عدا تلك الكلمات المحصورة من جنس حركة نفسه، وذلك نحو: مستهزئون . و: الخاطئون . و: مالئون . و: متكئون و: أنبئوني . و: ليطفئوا .

      و: ليواطئوا . و: ويستنبئونك ، وشبهه مما وقع فيه بعد الهمزة واو جمع، وإنما خصوا الجمع بتصوير همزته من جنس حركة نفسها، ولم يصوروها من جنس حركة ما قبلها كالمفرد; لأن الجمع ثقيل فأرادوا تخفيفه فعدلوا فيه إلى الواو ليجدوا إلى تخفيفه بحذفها سبيلا، وهو تأديتها إلى اجتماع صورتين متماثلتين؛ وهما الواو التي هي صورة الهمزة وواو الجمع، ولو رسموا الهمزة في الجمع ياء لم يجدوا إلى الحذف سبيلا؛ إذ لا يجتمع حينئذ في الكلمة صورتان متماثلتان، والله أعلم.

      وقوله: "أحرف"، مبتدأ على حذف مضاف؛ أي: همزة أحرف، ومعلومة صفته، وقوله: "كذاك"، "خبره"، و: "بعد كسر"، حال من ضمير الخبر، و: "إن أتت مضمومة" شرط حذفه جوابه لدلالة الجملة الاسمية عليه، وسبك البيت على هذا الإعراب: وهمزة كلمات معلومة مستقرة كما تقدم حال كون تلك الهمزة بعد كسر إن أتت مضمومة، ويحتمل البيت غير هذا الإعراب، وما اقتصرنا عليه هو الأظهر.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية