الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      ومع غنمتم كثرت بالوصل وإنما عند كذا في النحل

      [ ص: 222 ]

      لكنه لم يأت في الأنفال     لابن نجاح غير الاتصال


      وأنما تدعون عنه يقطع     ثان وبالحرفين جاء المقنع

      أخبر عن الشيخين بكثرة وصل كلمة: "أن" المفتوحة الهمزة المشددة النون بكلمة: "ما " المجاورة ل: غنمتم ، الواقعة في "الأنفال" في قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم ، وبكثرة وصل كلمة: "إن" المكسورة الهمزة المشددة النون بكلمة: "ما" المجاورة "لعند" الواقعة في "النحل" في قوله تعالى: إنما عند الله هو خير لكم ، يعني: وقلة القطع فيهما، ثم أخبر أن ابن نجاح؛ وهو أبو داود لم يذكر في: أنما غنمتم في "الأنفال" إلا الاتصال، ثم أخبر عن أبي داود أيضا بقطع كلمة: "أن" المفتوحة الهمزة المشددة النون من كلمة: "ما" المجاورة ل: تدعون الواقعة في قوله تعالى: " وأن ما تدعون من دونه الباطل " في سورة "لقمان"، وهو المراد بقوله "ثان"، واحترز به عن الأول؛ وهو: وأن ما يدعون من دونه هو الباطل في "الحج"; لأن أبا داود سكت عنه، ثم أخبر عن أبي عمرو في "المقنع"، بقطع الحرفين، أي: كلمتي: أنما تدعون في "لقمان"، و: "الحج"، فتحصل أن المواضع المقطوعة فيها "أنما" المفتوحة الهمزة وفاقا وخلافا ثلاثة: الأول: أنما غنمتم في "الأنفال" ذكره أبو عمرو في "المقنع" بالوجهين، ورجح فيه الوصل ولم يذكر فيه أبو داود إلا الوصل.

      - الموضع الثاني: "أن ما تدعون" في "لقمان" اتفق الشيخان على قطعه.

      - الموضع الثالث: "أن ما تدعون" في "الحج" ذكره أبو عمرو بالقطع، وسكت عنه أبو داود، والعمل عندنا على وصل: أنما غنمتم في "الأنفال"، وقطع: "أن ما تدعون" في "لقمان" و: "الحج"، وما عدا هذه المواضع الثلاثة مرسوم باتفاق كما يفهم من كلام الناظم نحو: أنما نملي لهم ، أنما نمدهم ، وما ذكره بعضهم من قطع: "أنما" من قوله تعالى: ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام لا يعول عليه.

      وأما "إنما" المكسورة الهمزة الواقعة في "النحل" في قوله تعالى: إنما عند الله هو خير لكم ، فرجح فيها الشيخان الوصل وبه العمل عندنا، وعداها موصول باتفاق كما يفهمه كلام الناظم نحو: إنما الله إله واحد . إنما أنا بشر ، ولكن لا يدخل في عموم وصل "إنما" المكسورة الهمزة قوله تعالى: " إن ما توعدون لآت " [ ص: 223 ] في "الأنعام" لما تقدم في كلام الناظم عن الشيخين من أن "إنما" فيه مقطوعة، والضمير المستتر في قوله: كثرت يعود على "إنما"، ومع "غنمتم" ظرف في محل الحال منه، والضمير في لكنه ضمير الشأن.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية