الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      شهادة فعل الجهاد غافل ثم مناسككم والباطل


      وضمن الداني منه المقنعا     وباطل من قبل ما كانوا معا

      أخبر في البيت الأول عن أبي داود بحذف ألف: "شهادة"، وألف الأفعال المتصرفة من لفظ "الجهاد"، وألف: "غافل"، و: "مناسككم"، و: "الباطل".

      أما "شهادة" ففي "البقرة": ومن أظلم ممن كتم شهادة ولا تكتموا الشهادة ، وهو متعدد فيها وفيما بعدها كما مثل، ونحو: لشهادتنا أحق من شهادتهما .

      وأما أفعال "الجهاد" ففي "البقرة": إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله ، ووقع ماضيا ومضارعا وأمرا مجردا من الضمير البارز ومتصلا به نحو: وجاهد في سبيل الله يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم جاهد الكفار والمنافقين وجاهدوا في الله حق جهاده .

      وأثبتوا الألف في كلمة "هاجروا" حيث وقعت كما ذكره في "التنزيل"، وأما "غافل" في البقرة. وما الله بغافل عما تعملون أفتطمعون ، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: ولا تحسبن الله غافلا ، وهذا بناء على أن التنوع يكون بتنوين المنصوب.

      وأما "مناسككم" ففي "البقرة": فإذا قضيتم مناسككم ، ولا يندرج فيه "مناسكنا"، وألفه ثابتة.

      وأما "الباطل" ففي "البقرة": ولا تلبسوا الحق بالباطل ، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: وباطل ما كانوا .

      ثم أخبر في البيت الثاني أن أبا عمرو الداني ضمن وأودع كتابه "المقنع" من لفظ "الباطل" لفظين فقط بالحذف وهما: وباطل ما كانوا يعملون في الأعراف وهود، وأما ما لم يذكره أبو عمرو الداني، فهو ثابت عنده بمقتضى القاعدة الآتية عنه في قول الناظم: "ووزن فعال وفاعل ثبت"، والعمل عندنا على الحذف في "شهادة" وفي أفعال "الجهاد"، و: "غافل" و: "مناسككم" حيث وقعت، وكذا "باطل" حيث وقع.

      تنبيه: ظاهر قول الناظم: فعل "الجهاد" أن الاسم لا تحذف ألفه مع أن أبا داود نص في "التنزيل" على حذف "جهادا" الواقع في الممتحنة في قوله تعالى: إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي [ ص: 68 ] وأطلق الناظم في عمدة البيان الحذف في "جهادا" المنصوب، فشمل الذي في "الفرقان" وهو: جهادا كبيرا ، والعمل عندنا على حذف الذي في الممتحنة وإثبات ما عداه، والألفاظ الخمسة التي في البيت الأول بالرفع معطوفة كالتي قبلها بحذف العاطف إلا الأخيرين، قوله: "المقنعا"، وقوله: و: "باطل" مفعولان "ضمن"، وقوله: "ما كانوا" مقصود لفظه أضيف إليه "قبل"، و: "معا" حال من "باطل" بتقدير مضاف قبل باطل، أي: كلمتي باطل معا.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية