الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      التسليف في زرع أرض بعينها أو حديد معدن بعينه قلت : هل يجوز في قول مالك أن أسلف في زرع أرض بعينها قد بدا صلاحه أو أفرك ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز ذلك ولا يشبه هذا التمر لأن التمر يشترط أخذه بسرا أو رطبا ولا يصلح أن يشترط تمرا ، والحنطة والشعير والحب إنما يشترط أخذه حبا فلا يصلح في زرع أرض بعينها ولا يصلح أن يكون التسليف في الحنطة والحب كله إلا مضمونا يكون دينا على من سلف إليه فيه ولا يكون في زرع بعينه وكذلك التمر لا يكون في تمر حائط بعينه إلا مثل ما وصفت لك في الحائط إذا أزهى قال : فقيل لمالك : فلو أن رجلا سلف في حائط بعينه بعدما أرطب أو في زرع بعدما أفرك واشترط أخذ ذلك تمرا أو حنطة فأخذ ذلك وفات البيع أترى البيع مفسوخا ويرد ؟ فقال : لا وليس هو عندي من الحرام البين الذي أفسخه إذا فات ولكني أكره أن يعمل به فإذا عمل به وفات فلا أرد ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : ما قول مالك فيمن أسلم في الحنطة الجديدة قبل الحصاد والتمر الجديد قبل الجداد ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : نعم لا بأس أن يسلم في الحنطة الجديدة قبل الحصاد والتمر الجديد قبل الجداد ما لم يكن في زرع بعينه أو حائط بعينه .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال : لا تبيعوا الحب حتى يشتد في أكمامه } ، وحدثني عن ابن وهب عن إسماعيل بن عياش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشترى الحب حتى يبيض قال مالك : وبلغني أن ابن سيرين قال : لا تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيض . قال ابن وهب ، عن عبد الجبار عن ربيعة قال : لا يسلف في زرع حتى ينقطع عنه شرب الماء وييبس . قال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : لا يباع الحب حتى ييبس وينقطع عنه شرب الماء حتى لا ينفعه الشرب . [ ص: 62 ] قلت : فهل يصلح أن يسلف الرجل في حديد معدن بعينه ويشترط من ذلك وزنا معروفا ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : أرى سبيل المعدن في هذا سبيل ما وصفت لك من قول مالك في السلفة في قمح القرى المأمونة إن كان المعدن مأمونا لا ينقطع حديده من أيدي الناس لكثرته في تلك المواضع ، فالسلف فيه جائز إذا وصفه وإلا فلا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية