الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  1- عدم التسوية بين المتقابلين:

                  لا يمكن لصاحب الفكر الموضوعي أن يصاب بعمى الألوان ويتشابه عليه البقر ويختلط عنده الحابل بالنابل، بل يضع النقط على الحروف، ويميز بين الأشياء، وخاصة إذا تعلق الأمر بالنقائض والأضداد.

                  وقد سجل القرآن عشرات الآيات في هذا السياق، من مثل قوله تعالى: ( قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور ) (الرعد:16)؛ ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب ) (الزمر:9)؛ ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله ... ) (النساء:95)؛ ( وما يستوي الأحياء ولا الأموات ... ) (فاطر:22)؛ ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ... ) (الحديد:10)؛ ( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون [ ص: 181 ] ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا ... ) (الزمر:29)، ومثل ذلك ما ورد في (النحل:75-76)؛ ( وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ) (فاطر:12)؛ ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ) (فصلت:34)؛ ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) (الملك:22)؛ ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) (المائدة:100)؛ ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) (الحشر:20).

                  إذن لا يجوز التسوية بين الأشياء المختلفة بصريح القرآن الكريم.

                  ومن ذلك عدم جواز الخلط بين الأصول والفروع، أو بين الكليات والجزئيات، أو بين المقاصد والوسائل، أو بين القطعيات والظنيات، أو بين الفرائض والنوافل، أو بين المضامين والأشكال، أو بين المحرمات والمكروهات.

                  ولا شك أنه حتى في إطار الطاعات يوجد تفاوت لا يصح تفويته، وكذلك الأمر في إطار المعاصي، فالكبائر غير الصغائر، والذنوب المتعدية غير الذنوب اللازمة، وذنوب المستتر غير ذنوب المجاهر.

                  ونختم هذه الفقرة بإيراد آيتين عن التفريق بين الكبائر والصغائر، قال تعالى: ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) (النساء:31) ، ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة ) (النجم:32). [ ص: 182 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية