الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  التفكير الموضوعي في الإسلام

                  الدكتور / فؤاد البنا

                  1- الإيمان أعمال وصفات لا أشخاص ومسميات:

                  من يقرأ القرآن أو صحيـح السـنة سيجد الحديث عن الإيمان وافرا، إذ يتغلغل إلى كل ما يسمى بشعب الإيمان التي تنتظم الحياة، وسيجد في تلك المواضع كلها أن الإيمان صفات تتجسد وأعمال تتحقق في الواقع، وليس مجرد دعاوى وأماني وأسماء.

                  ومن هذه الآيات قوله تعالى: ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) (المائدة:55)؛ ( قد أفلح [ ص: 43 ] المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون ) .... ( أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) (المؤمنون: 1-11)؛ وعندما ادعت مجموعة من المسلمين الإيمان دون أن يتحققوا بصفاته وأعماله ومتطلباته رد القرآن عليهم دعواهم، قال تعالى: ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) (الحجرات:14- 15).

                  إذن، الإيمان ابتداء يعلم المسلم أن يتجه إلى المضامين لا إلى الأشكال، وإلى المسميات لا إلى الأسماء، وإلى الأعمال لا إلى الأشخاص، وهي خطوة في طريق الألف ميل نحو التحقق بالموضوعية.

                  ولهذا فإن الأعمال هي محط نظر الله، قال تعالى: ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) (البقرة:197) ، ( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ) (البقرة: 215)، ( فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ) (يونس:46)، والجزاء في الآخرة منوط بالأعمال: ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) (السجدة:17) ، وقبل هذا وذاك فإن دار الدنيا كلها يمكن تلخيصها بأنها اختبار في الأعمال: ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم [ ص: 44 ] أحسن عملا وهو العزيز الغفور ) (الملك:2) ، ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ) (الكهف:7 ) .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية