الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  التفكير الموضوعي في الإسلام

                  الدكتور / فؤاد البنا

                  2- عدم ادعاء فريق من الصحابة امتلاك الحقيقة المطلقة:

                  رأينا في مثال بني قريظة كيف التزم أفراد الفريقين الصمت إزاء بعضهم بعضا، إذ يعرفون أن كلا الطرفين مجتهدان، وغاية ما يمكن أن يحدث أن يصيب طرف فيكون له أجران، ويخطئ طرف فيكون له أجر واحد، دون أن يوجد دليل على من هو المصيب ومن هو المخطئ، فلا يعلم مراد الله على حقيقته إلا هو تعالى!.

                  ولمعرفة الصحابة أن نصوص الدين مطلقة وأفهامهم نسبية، فقد كانوا شديدي الحذر من أن يخلط أو يدمج بعض العامة بين المطلق "الإلهي" والنسبي "البشري"، حتى أن عمر رضي الله عنه رفض أن يكتب كاتبه: "هذا ما أرى الله عمـر"، وأصـر على أن يـمحه ويكتب: "هـذا ما رأى عمر"، أما عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، فقد سئل عن المفوضة شهرا، ثم قال بعد الشهر: "أقول فيه برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله بريء مما أقول، ورسوله" [1] .

                  وقد ظل فهم الصحابة ومن جاء بعدهم وتابعهم بإحسان يقوم على الانحياز للمنهج على حساب الأشخاص، والانتصار في المحاورات والمناظرات للفكرة وليس للشخص، لمعرفتهم بصوابية الفكرة على الإطلاق ونسبية الأفهام البشرية، وعندما جاء أئمة المذاهب الفقهية، دفعهم انحيازهم للفكرة [ ص: 82 ] إلى النهي عن تقليدهـم، والعودة المباشـرة إلى القرآن والسـنة، وأجازوا لمن يعـجز عن هذا الأمر أن يقلدهم مع معرفة الدليل الذي استندوا إليه، أما التقليد بدون معرفة الدليل، فقد حرموه جميعا [2] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية