الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  2- التثبت والتبين والتمحيص: من مفردات الموضوعية أن يتثبت الإنسان مما يسمع، ويمحص ما يقرأ، ويراجع نفسه كثيرا قبل أن يبني على ما يسمع أو يقرأ رأيا أو موقفا.

                  وقد سجل القرآن لنا نماذج من هذا التثبت والتبين، منها:

                  - عندما جاء الهدهد من اليمن بنبأ ملكة سبأ وقومها إلى سليمان، عليه السلام، ورغم أن الهدهد عنون خبره بالنبأ وهو الخبر الذي لا يحتمل الشك، [ ص: 91 ] وأكده بقوله: ( بنبإ يقين ) ، ومع ذلك قال سليمان: ( سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ) (النمل:27)، وكان سليمان قبل هذا قد تفقد الهدهد ولم يجده فتوعده بالقول: ( لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ) (النمل:21)، والسلطان المبين هنا هو الحجة الواضحة التي لا تقبل الشك، ولذلك عندما جاءه بخبر ملكة سبأ وتأكد منه عفا عنه.

                  - قال تعالى على لسان أهل الكهف من الفتية المؤمنين: ( هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين ) (الكهف:15)، والسلطان البين هو الحجة الواضحـة والدليل الأكيد الذي لا يتزعزع، أي أنـهم طـالبوهم بالتثبت والتأكد والبحث عن الأدلة والحجج والبراهين.

                  - ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم ) (التوبة:114)، فقد ظل إبراهيم يبحث لأبيه عن أعذار ومبررات ويسوق له الأدلة والحجج والبراهين على ألوهية الله، وعندما استنفد ذلك كله وتبينت له حقيقة أبيه وهي العداوة لله بدون عذر أو مبرر تبرأ منه!

                  - ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة [ ص: 92 ] الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا ) (النساء:94) ، وهو أمر واضح للمسلمين بالتبين وعدم التهور.

                  - ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) (الحجرات:6)، وهو أمر واضح لا يحتاج إلى توضيح!

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية