المسألة الثالثة: المعاملات تقوم على التراضي:
يؤصـل الجوينـي لهـذه المسـألة بالقـول: "فالأصل المقطوع به فيها تراضي الملاك"، أما الدليل القطعي على هذا الأصل، فهو قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) (النساء:29) ، فالآية تبين أن تعامل الناس بعضهم مع بعض، ينبغي أن يقوم على أساس التراضي بينهم.
ويبين الجويني أن الشارع مع تقريره لهذا الأصـل المهـم في التعامل، إلا أنه "قد يضرب على المتعبدين ضروبا من الحجر في كيفية المعاملات؛ استصلاحا لهم، وطلبا لما هو الأحوط والأغبط"، فإذا تراضى الناس على أمور لا يقرها الشارع، لم يصح ذلك منهم. [ ص: 136 ]
هذا هو الأصل في هذه المسـألـة، ما دامت تفاصيـل الشرع باقية؛ أما إذا اندرست التفاصيل، والناس محتاجون للتعاقد فيما بينهم، فالتراضي فيما بينهم من تعامل هو الأصل الذي ينبغي أن يتمسكوا به، ويعودوا إليه؛ لأن هذا الأصل باق ما بقيت أصول الشرع [1] .