المسألة الرابعة عشرة: أخذ الأموال إنما يكون على أساس المصلحة المعتبرة:
ليس للإمام أن يتشهى في تعيين من يعينهم لسد حاجات بيت المال، بل المطلوب أن يبني تعيينه وفق قواعد الشرع وضوابطه، "فلا يندب قوما للجهاد إلا إذا رأى تعينهم منهج الرشاد ومسلك السداد، ثم يحزب الناس حزبا، ويجعل ندبهم إلى الجهاد نوبا، وكذلك يجهز إلى كل جيل من الكفار من يليهم ... فليشر على أغنياء كل صقع بأن يبذلوا من المال ما يقع به الاستقلال" [1] . وإذا عين الإمام بعض الجهات لتغطية نفقات بيت المال، فإن عليه أن يعين ويختار من كثر ماله وقل عياله؛ لأن من كان هذا شأنه وحاله، كان الأمر عليه يسيرا، بخلاف ما لو فعل عكس ذلك؛ إذ إن صاحب العيال - ولو كان ذا مال - لربما شق عليه تقديم المال؛ رعاية لأهله وعياله، وتحسبا لطوارق الزمان، فكان الأخذ ممن كثر ماله وقل عياله هو الأوفق لمقصود الشرع، والأصلح لأمر الناس.
وهذا الحكم فيما إذا كانت دولة الإسلام آمنة مطمئنة، ونفدت الأموال من بيت المال. أما إذا وقعت نازلة عامة ببلاد المسلمين، ودعت الضرورة في دفعها إلى بذل أموال، وصادف الحال خلو بيت المال، فإن المتعين حينئـذ على الإمام أن يأخذ من جميع الأغنياء، كل بحسب وسعه، ولا يقتصر في ذلك على طائفة معينة، ولا فئة محددة [2] . [ ص: 149 ]