المسألة الخامسة عشرة: الاقتراض العام:
الاقتراض لصالح بيت المال على صلة وثيقة بما تقدم. ويذكر الجويني رأيين فيه:
أولهما: أن ما يأخذه الإمام من أموال الأغنياء، إنما يكون على سبيل الاقتراض، ويتعين عليه أن يرد ما أخذه إلى الجهات التي أخذ منها، عندما تتوفر الأموال في بيت المال.
ثانيهما: أن الإمام إذا أخذ الأموال من فئة مخصوصة، فينبغي عليه أن يرد عليهم أموالهم، ويكون ما أخذ منهم إنمـا هو على سبيل الاقـتراض، أما إن كان أخذ الأموال من عموم المسلمين، فلا يتعين عليه الرد.
ويذهب الجويني إلى أن للإمام أن يأخذ من أموال الأغنياء ما يسد به حاجات بيت المال، ولا يكون ذلك على سبيل الاستقراض، سواء أكان الأخذ على وجه العموم، أم على وجه الخصوص، واستدل لرأيه بثلاثة أدلة عقلية، مستندها الشرع [1] .
وهذا الحكم - بحسب الجويني - ليس تحريما للاستقراض، فإذا رأى الإمام أن الاستقراض لبيت المال فيه استطابة للقلوب، وتيسير للوصول إلى تأمين ما هو مطلوب، كان له أن يستقرض على بيت المال، فيفعل ما يراه الأصلح في حق الرعية، والأنسب في حق بيت المال. وعلى العموم، يجوز للإمام أن يستقرض [ ص: 150 ] لبيت المال، إذا كان حال بيت المال يقتضي ذلك الاستقراض، وغلب على الظن القـدرة على الإحاطة بالحوادث المستجدة مستقبلا.
والحاصل: "أنه إذا ألمت ملمة، واقتضى إلمامها مالا، فإن كان في بيت المال مال،استمدت كفايتها من ذلك المال، وإن لم يكن ... نزلت على أموال كافة المسلمين، فإذا كفيت من أموالهم فقد انقضت، وانقطعت تبعاتها وعلائقها، فإذا حدث مال تهيأ ما حدث للحوادث المستقبلة" [2] .