وأما وهو المطبوخ أدنى طبخة ويسمى الباذق والمنصف وهو ما ذهب نصفه بالطبخ العصير إذا طبخ حتى يذهب أقل من ثلثيه
فكل ذلك حرام عندنا إذا غلى واشتد وقذف بالزبد
أو إذا اشتد على الاختلاف
[ ص: 97 ] وقال : إنه مباح ، وهو قول بعض المعتزلة ; لأنه مشروب طيب وليس بخمر الأوزاعي
ولنا أنه رقيق ملذ مطرب ولهذا يجتمع عليه الفساق فيحرم شربه دفعا للفساد المتعلق به ، وأما وهو السكر وهو النيء من ماء التمر : أي الرطب [ ص: 98 ] فهو حرام مكروه نقيع التمر
وقال : إنه مباح لقوله تعالى { شريك بن عبد الله تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا } امتن علينا به ، وهو بالمحرم لا يتحقق
ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، ويدل عليه ما روينا من قبل ، والآية محمولة على الابتداء إذ كانت الأشربة مباحة كلها ، وقيل أراد به التوبيخ ، معناه والله أعلم : تتخذون منه سكرا وتدعون رزقا حسنا
وأما وهو النيء من ماء الزبيب فهو حرام إذا اشتد وغلى ويتأتى فيه خلاف نقيع الزبيب ، وقد بينا المعنى من قبل ، إلى أن حرمة هذه الأشربة دون حرمة الخمر حتى لا يكفر مستحلها ، ويكفر مستحل الخمر ; لأن حرمتها اجتهادية ، وحرمة الخمر قطعية ، [ ص: 99 ] ولا يجب الحد بشربها حتى يسكر ، ويجب بشرب قطرة من الخمر ، ونجاستها خفيفة في رواية وغليظة في أخرى ، ونجاسة الخمر غليظة رواية واحدة ، ويجوز بيعها ، ويضمن متلفها عند الأوزاعي خلافا لهما فيهما ; لأنه مال متقوم ، وما شهدت دلالة قطعية بسقوط تقومها ، بخلاف الخمر ، غير أن عنده يجب قيمتها لا مثلها على ما عرف ، ولا ينتفع بها بوجه من الوجوه ; لأنها محرمة أبي حنيفة
وعن أنه يجوز بيعها إذا كان الذاهب بالطبخ أكثر من النصف دون الثلثين ( وقال في الجامع الصغير : وما سوى ذلك من الأشربة فلا بأس به ) قالوا : هذا الجواب على هذا العموم والبيان لا يوجد في غيره ، وهو نص على أن ما يتخذ من الحنطة والشعير والعسل والذرة حلال عند أبي يوسف ، ولا يحد شاربه عنده وإن سكر منه ، ولا يقع طلاق السكران منه بمنزلة النائم ومن ذهب عقله بالبنج ولبن الرماك أبي حنيفة
وعن أنه حرام ويحد شاربه ويقع طلاقه إذا سكر منه كما في سائر الأشربة المحرمة [ ص: 100 ] ( وقال فيه أيضا : وكان محمد يقول : ما كان من الأشربة يبقى بعد ما يبلغ عشرة أيام ولا يفسد فإني أكرهه ، ثم رجع إلى قول أبو يوسف ) وقوله الأول مثل قول أبي حنيفة إن كل مسكر حرام ، إلا أنه منفرد بهذا الشرط ، ومعنى قوله : يبلغ : يغلي ويشتد ، ومعنى قوله ولا يفسد : لا يحمض ووجهه أن بقاءه هذه المدة من غير أن يحمض دلالة قوته وشدته فكان آية حرمته ، ومثل ذلك يروى عن محمد رضي الله عنهما ، ابن عباس يعتبر حقيقة الشدة على الحد الذي ذكرناه فيما يحرم أصل شربه وفيما يحرم السكر منه على ما نذكره إن شاء الله تعالى وأبو حنيفة
رجع إلى قول وأبو يوسف فلم يحرم كل مسكر ، ورجع عن هذا الشرط أيضا ( وقال في المختصر : ونبيذ التمر والزبيب إذا طبخ كل واحد منهما أدنى طبخة حلال وإن اشتد إذا شرب منه ما يغلب على ظنه أنه لا يسكره من غير لهو ولا طرب ) ، وهذا عند أبي حنيفة أبي حنيفة وأبي يوسف
وعند محمد حرام ، والكلام فيه كالكلام في المثلث العنبي والشافعي
ونذكره إن شاء الله تعالى