الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولو أوصى بجزء من ماله قيل للورثة أعطوه ما شئتم ) لأنه مجهول يتناول القليل والكثير ، غير أن الجهالة لا تمنع صحة الوصية والورثة قائمون مقام الموصي فإليهم البيان .

التالي السابق


( قوله ولو أوصى بجزء من ماله قيل للورثة أعطوه ما شئتم لأنه مجهول يتناول القليل والكثير ، غير أن الجهالة لا تمنع صحة الوصية والورثة قائمون مقام الموصي فإليهم البيان ) قال صاحب التسهيل : أقول : دلت هذه المسألة على أن أحدا لو أقر بمجهول كقوله لفلان علي دين ولم يبين قدره فمات مجهلا يجبر ورثته على البيان ، وكذا لو أقيم البينة على إقراره بمجهول ينبغي أن يقبل ، ويجبر ورثته على البيان ا هـ .

ورد عليه بعض المتأخرين حيث قال بعد نقل ذلك : قلت : ما ذكره قياس مع الفارق ، لأن الإقرار ولو بمجهول يوجب تعلق الغير به من وقت الإقرار فيجبر المقر على بيانه بطلب المقر له ، فإذا فات الجبر في حياته بوفاته سقط سيما إذا كان [ ص: 446 ] بتقصير من المقر له فلم ينب عنه ورثته ، بخلاف الوصية بمجهول لعدم ثبوت حق الغير إلا بعد موت الموصي فقبل موته لا يجبر على بيانه وبعد موته تعلق الحق بتركته ولا يمكن جبره فيجبر من يقوم مقامه إحياء لحق ثابت ا هـ .

أقول : ليس هذا بسديد ، لأنهم صرحوا بأن ليس من شرط القياس أن يكون المقيس في معنى المقيس عليه من كل الوجوه ، بل يكفي الاشتراك في علة هي مدار الحكم في المقيس عليه ، فمجرد الفرق بين ما نحن فيه وبين الإقرار بالمجهول في كون تعلق حق الغير به في الإقرار من وقت الإقرار وفي الوصية بعد الموت لا يضر بصحة القياس المنفهم مما ذكره صاحب التسهيل ، وإنما يضر بها الفرق في العلة التي هي مدار الحكم ، وهو ليس بمتحقق هنا ، فإنه لما كان مدار ثبوت الجبر بالبيان لورثة الموصي الذين يقومون مقام الموصي إحياء حق ثابت بالوصية كان ينبغي أن يثبت الجبر بالبيان لورثة المقر بالمجهول أيضا إذا مات مجهلا إحياء لحق ثابت بالإقرار ، فقول ذلك البعض فإذا فات الجبر في حياة المقر بوفاته سقط إن أراد به أنه سقط عنه الحق أصلا فليس بصحيح ، إذ لا شك أنه لا تسقط حقوق العباد المتعلقة بالمال بموت من عليه الحق بل تؤخذ من تركته ، وإن أراد به أنه سقط عنه الجبر لعدم إمكانه وإن كان بقي أصل الحق عليه فهو مسلم ، لكن لا نسلم قوله فلم ينب عنه ورثته ، فإنه لما بقي حق المقر عليه وكان ذلك عليه مجهولا محتاجا إلى البيان لعدم إمكان القضاء بالمجهول وكان من عليه الحق عاجزا عن البيان بعد موته كان ينبغي أن ينوب عنه ورثته في البيان كما في الوصية بالمجهول تأمل تقف




الخدمات العلمية