الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وتجب في سنة ) وقال الشافعي رحمه الله : في ثلاث سنين لأنه بدل النفس ولهذا يكون موروثا بين ورثته . ولنا ما روي عن محمد بن الحسن رحمه الله أنه قال : " بلغنا أن رسول الله عليه الصلاة والسلام جعله على العاقلة في سنة " [ ص: 303 ] ولأنه إن كان بدل النفس من حيث إنه نفس على حدة فهو بدل العضو من حيث الاتصال بالأم فعملنا بالشبه الأول في حق التوريث ، وبالثاني في حق التأجيل إلى سنة ، لأن بدل العضو إذا كان ثلث الدية أو أقل أكثر من نصف العشر يجب في سنة ، بخلاف أجزاء الدية لأن كل جزء منها على من وجب يجب في ثلاث سنين [ ص: 304 ] ( ويستوي فيه الذكر والأنثى ) لإطلاق ما روينا ، ولأن في الجنين إنما ظهر التفاوت لتفاوت معاني الآدمية ولا تفاوت في الجنين فيقدر بمقدار واحد وهو خمسمائة .

التالي السابق


( قوله ولأنه إن كان بدل النفس من حيث إنه نفس على حدة فهو بدل العضو من حيث الاتصال بالأم فعملنا بالشبه الأول في حق التوريث وبالثاني في حق التأجيل إلى سنة ) أقول : لقائل أن يقول : لم لم يعكس الأمر : أي لم يعمل في حق التأجيل بالشبه الأول وفي حق التوريث بالشبه الثاني ، وما لم يبين وجه ذلك لا يتم المطلوب هاهنا . والأظهر في تقرير التعليل هاهنا ما ذكر في الكافي أخذا من المبسوط حيث قال : ولأنه إذا كان بدل النفس من حيث إنه نفس مودعة في الأم حتى ينفصل عنها حية فالجناية عليه قبل الانفصال تعتبر بالجناية عليه بعد الانفصال فهو بدل العضو من حيث الاتصال بالأم فلا يثبت من التأجيل إلا قدر المتيقن انتهى تدبر تفهم ( قوله لأن بدل العضو إذا كان ثلث الدية أو أقل أكثر من نصف العشر ) يجب في سنة قال صاحب النهاية : هذا هو الصحيح من لفظ الكتاب ، وقوله أكثر بدون الواو بدل من أقل : أي إذا كان ذلك الأقل أكثر من نصف العشر ، وفي بعض النسخ أو أكثر ، وفي بعضها وأكثر ، وكلاهما غير صحيح لأنه لا يبقى بدلا حينئذ ، انتهى كلامه وتبعه جماعة من الشراح وقال صاحب العناية : قوله لأن بدل العضو إذا كان ثلث الدية أو أقل أكثر من نصف العشر هو الصحيح من النسخ ، وفي بعضها أو أكثر ، وفي بعضها وأكثر قال الشارحون : وكلاهما غير صحيح ، لأن المراد أن يكون الأقل من ثلث الدية أكثر من نصف العشر ، وهو إنما يكون إذا كان الأكثر صفة لأقل أو بدلا منه ، ولعل العطف بالواو يفيد ذلك إلى هنا لفظه . أقول : فيه شيء ، وهو أن بين قوله ولعل العطف بالواو يفيد ذلك أيضا وبين قوله هو الصحيح من النسخ بقصر الصحة على الأول تدافعا لا يخفى ، اللهم إلا أن يكون مراده قصر الصحة على الأول من الرواية لا من حيث سداد المعنى فحينئذ يندفع التدافع . وقال صاحب الغاية : وقوله أكثر بدون الواو العاطفة في أوله على أنه صفة لقوله أقل : أي إذا كان بدل العضو ثلث الدية أو كان أقل من ثلث الدية ، [ ص: 304 ] وكان ذلك الأقل أكثر من نصف عشر الدية يجب في سنة واحدة ، ولكن لنا في التقييد بالأكثر نظر ، لأنه إذا لم يكن أكثر من نصف عشر الدية بل كان قدر نصف عشر الدية إلى ثلثها يجب في سنة انتهى .

ونقل صاحب العناية مضمون نظره ولم يتعرض للجواب عنه حيث قال : وفي بعض الشروح أن تقييده بالأكثر ليس بمفيد ، لأنه لو كان نصف العشر كان الحكم كذلك انتهى فكأنه ارتضاه . وأشار صاحب الكفاية إلى الجواب عنه حيث قال بعد تصحيح النسخة الأولى : لكن التقريب إنما يتأتى أن لو كان نصف العشر واجبا في سنة ، لأن الغرة مقدرة بنصف العشر ، ولم يتعرض له لأنه لما كان أكثر من نصف العشر مؤجلا بسنة فأولى أن يكون نصف العشر مؤجلا بها انتهى . أقول : فيه نظر ، إذ لا نسلم أنه إذا كان ما هو أكثر من نصف العشر مؤجلا بسنة فأولى أن يكون نصف العشر أيضا مؤجلا بسنة لجواز أن يكون نصف العشر غير مؤجل أصلا كأقل من نصف العشر أو يكون مؤجلا بأقل من سنة وبذلك لا يتم التقريب كما لا يخفى .




الخدمات العلمية