الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن اشترى دارا ولم يقبضها حتى وجد فيها قتيل فهو على عاقلة البائع وإن كان في البيع خيار لأحدهما فهو على عاقلة الذي في يده ) وهذا عند أبي حنيفة وقالا : إن لم يكن فيه خيار فهو على عاقلة المشتري [ ص: 385 ] وإن كان فيه خيار فهو على عاقلة الذي تصير له ، لأنه إنما أنزل قاتلا باعتبار التقصير في الحفظ ولا يجب إلا على من له ولاية الحفظ ، والولاية تستفاد بالملك ولهذا كانت الدية على عاقلة صاحب الدار دون المودع ، والملك للمشتري قبل القبض في البيع البات ، وفي المشروط فيه الخيار يعتبر قرار الملك كما في صدقة الفطر . وله أن القدرة على الحفظ باليد لا بالملك ; ألا يرى أنه يقتدر على الحفظ باليد دون الملك ولا يقتدر بالملك دون اليد ، وفي البات اليد للبائع قبل القبض ، وكذا فيما فيه الخيار لأحدهما قبل القبض ; لأنه دون البات ، ولو كان المبيع في يد المشتري والخيار له فهو أخص الناس به تصرفا ، ولو كان الخيار للبائع فهو في يده مضمون عليه بالقيمة كالمغصوب فتعتبر يده إذ بها يقدر على الحفظ .

التالي السابق


( قوله لأنه إنما أنزل قاتلا باعتبار التقصير في الحفظ ، ولا يجب إلا على من له ولاية الحفظ والولاية تستفاد بالملك ) أقول : هذا التعليل على قول أبي يوسف مشكل ، لأنه إن أراد بقوله والولاية تستفاد بالملك الحصر بمعنى أن الولاية تستفاد بالملك لا بغيره ، وينتقض ذلك بما مر من أن السكان يدخلون في القسامة والدية مع الملاك عنده بناء على أن ولاية التدبير كما تكون بالملك تكون بالسكنى ، وإن لم يرد بذلك معنى الحصر لا يتم التقريب في إثبات مدعاهما في هذه المسألة كما لا يخفى .

( قوله وله أن القدرة على الحفظ باليد دون الملك ; ألا يرى أنه يقتدر على الحفظ باليد دون الملك ولا يقتدر بالملك دون اليد ) أقول : هذا التنوير غير واضح ، لأنه إن أراد باليد اليد مطلقا : أي سواء كانت يد أصالة أو يد نيابة فليس بصحيح ، إذ لا يجب شيء من القسامة والدية على المودع ونحوه بالاتفاق لكون يده يد نيابة لا يد أصالة كما صرحوا به قاطبة ، فلو أمكن الاقتدار على الحفظ بيد النيابة أيضا لما صح ذلك ، وإن أراد بها يد الأصالة فقط كما هو الظاهر فالخصم وهو صاحباه لا يسلم أنه يقتدر على الحفظ بيد الأصالة فقط بدون الملك ، ولا أنه لا يقتدر عليه بالملك بدون تلك اليد ، بل يقول : ولاية الحفظ إنما تستفاد بالملك دون اليد كما في مسألتنا المتنازع فيها . وبالجملة ما ذكر في هذا التنوير ليس بأجلى من [ ص: 386 ] أصل المسألة




الخدمات العلمية