الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : ( فإن كان الأولياء ثلاثة فشهد أثنان منهم على الآخر أنه قد عفا فشهادتهما باطلة وهو عفو منهما ) لأنهما يجران بشهادتهما إلى أنفسهما مغنما وهو انقلاب القود مالا ( فإن صدقهما القاتل فالدية بينهم أثلاثا ) معناه : إذا صدقهما وحده ، لأنه لما صدقهما فقد أقر بثلثي الدية لهما فصح إقراره ، إلا أنه يدعي سقوط حق الشهود عليه وهو ينكر فلا يصدق ويغرم نصيبه ( وإن كذبهما فلا شيء لهما وللآخر ثلث الدية ) ومعناه : إذا كذبهما القاتل أيضا ، وهذا لأنهما أقرا على أنفسهما بسقوط القصاص فقبل وادعيا انقلاب نصيبهما مالا فلا يقبل إلا بحجة ، وينقلب نصيب المشهود عليه مالا لأن دعواهما العفو عليه وهو ينكر بمنزلة ابتداء العفو منهما في حق [ ص: 263 ] المشهود عليه ، لأن سقوط القود مضاف إليهما ، وإن صدقهما المشهود عليه وحده غرم القاتل ثلث الدية للمشهود عليه لإقراره له بذلك . .

التالي السابق


( قوله وإن كذبهما فلا شيء لهما وللآخر ثلث الدية معناه إذا كذبهما القاتل أيضا ) قال صاحب النهاية في شرح هذا المقام : وإن كذبهما فلا شيء أي وإن كذبهما المشهود عليه ، معناه : إذا كذبهما القاتل أيضا ، وإنما قيد بهذا لأنه إذا صدقهما القاتل عن تكذيب المشهود عليه يجب على القاتل دية كاملة بينهم أثلاثا ثم قال : وفي بعض النسخ معناه : إذا كذبهما المشهود عليه أيضا فحينئذ كان معنى قوله وإن كذبهما : أي وإن كذبهما القاتل انتهى .

وعلى طرزه شرح صاحب الغاية أيضا ، إلا أنه جعل النسخة الثانية أصلا على عكس ما في النهاية ، [ ص: 263 ] وقال : والأول أصح .

أقول : مدار ما ذكرا في شرح المقام على أنهما فهما أن مراد المصنف بقوله معناه إذا كذبهما القاتل أيضا وكذا بقوله في النسخة الأخرى معناه إذا كذبهما المشهود عليه أيضا بيان الكلام المقدر في عبارة الجامع الصغير وهي قوله وإن كذبهما فلا شيء لهما ، فإنهما جعلا فاعل كذبهما في قوله وإن كذبهما فلا شيء لهما ضميرا راجعا إلى المشهود عليه على نسخة معناه إذا كذبهما القاتل أيضا ، وضميرا راجعا إلى القاتل على نسخة معناه إذا كذبهما المشهود عليه أيضا ، وهذا لا يتصور إلا بأن يكون مراد المصنف في النسخة الأولى أن جملة إذا كذبهما القاتل أيضا مقدرة في عبارة الجامع الصغير فتقديرها وإن كذبهما المشهود عليه فلا شيء لهما إذا كذبهما القاتل أيضا ، وفي النسخة الأخرى أن جملة إذا كذبهما المشهود عليه أيضا مقدرة فيها فتقديرها وإن كذبهما القاتل فلا شيء لهما إذا كذبهما المشهود عليه أيضا ، لكن ليس ما ذهبا إليه بسديد ، إذ يأباه قطعا قول المصنف معناه لأن المقدر لا يكون معنى المذكور .

والحق عندي أن مراد المصنف بيان اعتبار مجرد قيد أيضا في عبارة الجامع الصغير هنا كما أنه بين قبيله اعتبار قيد وحده في عبارته حيث قال : معناه إذا صدقهما وحده ، فمراده على النسخة الأولى أن معنى قول محمد في الجامع الصغير وإن كذبهما إذا كذبهما القاتل ، أيضا : أي مع المشهود عليه ، كما أن معنى قوله فيما قبل فإن صدقهما القاتل إذا صدقهما وحده : أي بدون المشهود عليه والقيدان منويان بمعونة المقام ، ومراده على النسخة الأخرى معنى قول محمد وإن كذبهما إذا كذبهما المشهود عليه أيضا : أي مع القاتل ، فحينئذ ينتظم الكلام ويتضح المرام




الخدمات العلمية