الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولو جمع في الطبخ بين العنب والتمر أو بين التمر والزبيب لا يحل حتى يذهب ثلثاه

[ ص: 106 ] لأن التمر إن كان يكتفى فيه بأدنى طبخة فعصير العنب لا بد أن يذهب ثلثاه فيعتبر جانب العنب احتياطا ، وكذا إذا جمع بين عصير العنب ونقيع التمر لما قلنا .

التالي السابق


( قوله ولو جمع في الطبخ بين العنب والتمر أو بين التمر والزبيب لا يحل حتى يذهب ثلثاه ) قال صاحب غاية البيان : ولنا في قوله أو بين التمر والزبيب نظر ; لأن ماء الزبيب كماء التمر يكتفى فيهما [ ص: 106 ] بأدنى طبخة ، وقد صرح بذلك القدوري قبل هذا وهو قوله : ونبيذ التمر والزبيب إذا طبخ كل واحد منهما أدنى طبخة حلال وإن اشتد انتهى

أقول : وقول القدوري بعده : ولا بأس بالخليطين أظهر في ترويج نظر صاحب الغاية من قوله ونبيذ التمر والزبيب إذا طبخ كل واحد منهما أدنى طبخة حلال وإن اشتد ; إذ لقائل أن يقول : يجوز أن يكون في الاجتماع ما لا يكون في الانفراد ، فلا يستلزم الحل في الثاني الحل في الأول

وقد تشبث صاحب الغاية في ترويج نظره بقول القدوري الأول ولم يتعرض لقوله الثاني ، وكأن صاحب الكافي فهم ركاكة فيما ذكره المصنف ها هنا حيث غير عبارته في الصورة الثانية فقال : ولو جمع في الطبخ بين العنب والتمر أو بين العنب والزبيب لا يحل ما لم يذهب بالطبخ منه ثلثاه انتهى

ويحتمل أن يقع لفظ التمر في قول المصنف أو بين التمر والزبيب بدل لفظ العنب سهوا من نفس المصنف أو من الناسخ الأول ، إلا أنه يبقى نوع قصور في التعليل الذي ذكره ها هنا عن إفادة المدعى في الصورة الثانية على كل حال ، إذ لم يتعرض بالزبيب في التعليل قط

ثم اعلم أن تاج الشريعة وجه ما وقع في نسخ الهداية ها هنا حيث قال : فإن قلت : هذا المعنى لا يتأتى في التمر والزبيب على ما قال [ ص: 107 ] في المختصر إنه يكتفي فيهما بأدنى طبخة

قلت : إن هذا على ما روى هشام في النوادر عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه لا يحل ما لم يذهب ثلثاه بالطبخ انتهى

واقتفى أثره العيني

قلت : ويؤيده ما ذكره في الفصل الثاني من كتاب الأشربة من المحيط البرهاني حيث قال فيه : وإذا طبخ الزبيب أدنى طبخة فهو النبيذ ، ويحل شربه ما دام حلوا ، وأما إذا غلى واشتد وقذف بالزبد فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله في ظاهر الرواية يحل الشرب ، وعلى قول محمد والشافعي رحمهما الله لا يحل

وروى هشام في نوادره عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه ما لم يذهب الثلثان بالطبخ لا يحل انتهى ، والله الموفق




الخدمات العلمية