( فقد خرج من الرهن ، والثمن قائم مقامه فكان رهنا ، وإن لم يقبض بعد ) لقيامه مقام ما كان مقبوضا ، وإذا توى كان مال المرتهن لبقاء عقد الرهن في الثمن لقيامه مقام المبيع المرهون ، وكذلك إذا قتل العبد الرهن وغرم القاتل قيمته ; لأن المالك لا يستحقه من حيث المالية ، وإن كان بدل الدم فأخذ حكم ضمان المال في حق المستحق فبقي عقد الرهن ، وكذلك لو قتله عبد فدفع به ; لأنه قائم مقام الأول لحما ودما وإذا باع العدل الرهن
قال ( وإن كان بالخيار ، إن شاء ضمن الراهن قيمته ، وإن شاء ضمن المرتهن الثمن الذي أعطاه ، وليس له أن يضمنه غيره ) وكشف هذا أن المرهون المبيع إذا استحق إما أن يكون هالكا أو قائما باع العدل الرهن فأوفى [ ص: 177 ] المرتهن الثمن ثم استحق الرهن فضمنه العدل
ففي الوجه الأول المستحق بالخيار إن شاء ضمن الراهن قيمته ; لأنه غاصب في حقه ، وإن شاء ضمن العدل ; لأنه متعد في حقه بالبيع والتسليم
فإن ضمن الراهن نفذ البيع وصح الاقتضاء ; لأنه ملكه بأداء الضمان فتبين أنه أمره ببيع ملك نفسه ، وإن ضمن البائع ينفذ البيع أيضا ; لأنه ملكه بأداء الضمان فتبين أنه باع ملك نفسه
وإذا ضمن العدل فالعدل بالخيار ، إن شاء رجع على الراهن بالقيمة ; لأنه وكيل من جهته عامل له فيرجع عليه بما لحقه من العهدة ونفذ البيع وصح الاقتضاء فلا يرجع المرتهن عليه بشيء من دينه ، وإن شاء رجع على المرتهن بالثمن ; لأنه تبين أنه أخذ الثمن بغير حق ; لأنه ملك العبد بأداء الضمان ونفذ بيعه عليه فصار الثمن له ، وإنما أداه إليه على حسبان أنه ملك الراهن ، فإذا تبين أنه ملكه لم يكن راضيا به فله أن يرجع به عليه ، وإذا رجع بطل الاقتضاء فيرجع المرتهن على الراهن بدينه
وفي الوجه الثاني وهو أن يكون قائما في يد المشتري فللمستحق أن يأخذه من يده ; لأنه وجد عين ماله
ثم للمشتري أن يرجع على العدل بالثمن ; لأنه العاقد فتتعلق به حقوق العقد ، وهذا من حقوقه حيث وجب بالبيع ، وإنما أداه ليسلم له المبيع ولم يسلم
ثم العدل بالخيار إن شاء رجع على الراهن بالقيمة ; لأنه هو الذي أدخله في هذه العهدة فيجب عليه تخليصه
وإذا رجع عليه صح قبض المرتهن ; لأن المقبوض سلم له ، وإن شاء رجع على المرتهن ; لأنه إذا انتقض العقد بطل الثمن وقد قبضه ثمنا فيجب نقض قبضه ضرورة ، وإذا رجع عليه وانتقض قبضه عاد حقه في الدين كما كان فيرجع به على الراهن
ولو أن المشتري سلم الثمن إلى المرتهن لم يرجع على العدل ; لأنه في البيع عامل الراهن ، وإنما يرجع عليه إذا قبض ولم يقبض فبقي الضمان على الموكل ، ولو كان التوكيل بعد عقد الرهن غير مشروط في العقد فما لحق العدل من العهدة يرجع به على الراهن قبض الثمن المرتهن أم لا ; لأنه لم يتعلق بهذا التوكيل حق المرتهن فلا رجوع ، كما في الوكالة المفردة عن الرهن إذا باع الوكيل ودفع الثمن إلى من أمره الموكل ثم لحقه عهدة لا يرجع به على المقتضى ، بخلاف الوكالة المشروطة في العقد ; لأنه تعلق به حق المرتهن فيكون البيع لحقه
قال رضي الله عنه : هكذا ذكر ، وهذا [ ص: 178 ] يؤيد قول من لا يرى جبر هذا الوكيل على البيع الكرخي