قال ( وإذا فالعبد صلح بالجناية ، وإن لم يعتقه رد على المولى وقيل للأولياء اقتلوه أو اعفوا عنه ) ووجه ذلك وهو أنه إذا لم يعتقه وسرى تبين أن الصلح وقع باطلا لأن الصلح كان [ ص: 346 ] عن المال ; لأن أطراف العبد لا يجري القصاص بينها وبين أطراف الحر فإذا سرى تبين أن المال غير واجب ، وإنما الواجب هو القود فكان الصلح واقعا بغير بدل فبطل والباطل لا يورث الشبهة ، كما إذا وطئ المطلقة الثلاث في عدتها مع العلم بحرمتها عليه فوجب القصاص ، بخلاف ما إذا أعتقه لأن إقدامه على الإعتاق يدل على قصده تصحيح الصلح لأن الظاهر أن من أقدم على تصرف يقصد تصحيحه ولا صحة له إلا وأن يجعل صلحا عن الجناية وما يحدث منها ولهذا لو نص عليه ورضي المولى به يصح وقد رضي المولى به لأنه لما رضي بكون العبد عوضا عن القليل يكون أرضى بكونه عوضا عن الكثير فإذا أعتق يصح الصلح في ضمن الإعتاق ابتداء وإذا لم يعتق لم يوجد الصلح ابتداء والصلح الأول وقع باطلا فيرد العبد إلى المولى والأولياء على خيرتهم في العفو والقتل . قطع العبد يد رجل عمدا فدفع إليه بقضاء أو بغير قضاء فأعتقه ثم مات من قطع اليد
وذكر في بعض النسخ : فالعبد صلح بالجناية إلى آخر ما ذكرنا من الرواية . وهذا الوضع يرد إشكالا فيما إذا عفا عن اليد ثم سرى إلى النفس ومات حيث لا يجب القصاص هنالك ، وهاهنا قال يجب . قيل ما ذكر هاهنا جواب القياس فيكون الوضعان جميعا على القياس والاستحسان . وقيل بينهما فرق ، ووجهه أن العفو عن اليد صح ظاهرا لأن الحق كان له في اليد من حيث الظاهر فيصح العفو ظاهرا ، فبعد ذلك وإن بطل حكما يبقى موجودا حقيقة فكفى ذلك لمنع وجوب القصاص . رجل قطع يد رجل عمدا فصالح القاطع المقطوعة يده على عبد ودفعه إليه [ ص: 347 ] فأعتقه المقطوعة يده ثم مات من ذلك
أما هاهنا الصلح لا يبطل الجناية بل يقررها حيث صالح عنها على مال ، فإذا لم يبطل الجناية لم تمتنع العقوبة ، هذا إذا لم يعتقه ، أما إذا أعتقه فالتخريج ما ذكرناه من قبل .