( ولا يعقل أهل مصر عن مصر آخر )  يريد به أنه إذا كان  [ ص: 402 ] لأهل كل مصر ديوان على حدة لأن التناصر بالديوان عند وجوده ، ولو كان باعتبار القرب في السكنى فأهل مصره أقرب إليه من أهل مصر آخر   ( ويعقل أهل كل مصر من أهل سوادهم )  لأنهم أتباع لأهل المصر ، فإنهم إذا حزبهم أمر استنصروا بهم فيعقلهم أهل المصر باعتبار معنى القرب في النصرة ( ومن كان منزله بالبصرة  وديوانه بالكوفة   عقل عنه أهل الكوفة    ) لأنه يستنصر بأهل ديوانه لا بجيرانه . 
والحاصل أن الاستنصار بالديوان أظهر فلا يظهر معه حكم النصرة بالقرابة والنسب والولاء وقرب السكنى وغيره وبعد الديوان النصرة بالنسب على ما بيناه ، وعلى هذا يخرج كثير من صور مسائل المعاقل ( ومن جنى جناية من أهل المصر وليس له في الديوان عطاء وأهل البادية أقرب إليه ومسكنه المصر  عقل عنه أهل الديوان من ذلك المصر ) ولم يشترط أن يكون بينه وبين أهل الديوان قرابة ، قيل هو صحيح لأن الذين يذبون عن أهل المصر ويقدمون بنصرتهم ويدفعون عنهم أهل الديوان من أهل المصر ولا يخصون به أهل العطاء . 
وقيل تأويله إذا كان قريبا لهم ، وفي الكتاب إشارة إليه حيث قال : وأهل البادية أقرب إليه من أهل مصر ، وهذا لأن الوجوب عليهم بحكم القرابة وأهل المصر أقرب منهم مكانا فكانت القدرة على النصرة لهم وصار نظير مسألة الغيبة المنقطعة ( ولو كان البدوي نازلا في المصر لا مسكن له فيه  لا يعقله أهل المصر ) لأن أهل العطاء لا ينصرون من لا مسكن له فيه ، كما أن أهل البادية لا تعقل عن أهل المصر النازل فيهم لأنه لا يستنصر بهم ( وإن كان لأهل الذمة  عواقل معروفة يتعاقلون  [ ص: 403 ] بها فقتل أحدهم قتيلا  فديته على عاقلته بمنزلة المسلم ) لأنهم التزموا أحكام الإسلام في المعاملات لا سيما في المعاني العاصمة عن الإضرار ، ومعنى التناصر موجود في حقهم ( وإن لم تكن لهم عاقلة معروفة  فالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى بها عليه ) كما في حق المسلم لما بينا أن الوجوب على القاتل وإنما يتحول عنه إلى العاقلة أن لو وجدت ، فإذا لم توجد بقيت عليه بمنزلة تاجرين مسلمين في دار الحرب قتل أحدهما صاحبه يقضى بالدية عليه في ماله لأن أهل دار الإسلام لا يعقلون عنه ، وتمكنه من هذا القتل ليس بنصرتهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					