( بطلت ) لأن إيجابها تعلق بالموت على ما بيناه من قبل . ولو مات الموصى له في حياة الموصي قيل يجوز ذلك لأن قيمة المنافع كعينها في تحصيل المقصود . والأصح أنه لا يجوز لأن الغلة دراهم أو دنانير وقد وجبت الوصية بها ، وهذا استيفاء المنافع وهما متغايران ومتفاوتان في حق الورثة ، فإنه لو ظهر دين يمكنهم أداؤه من الغلة بالاسترداد منه بعد استغلالها ولا يمكنهم من المنافع بعد استيفائها بعينها ، وليس للموصى له بالخدمة والسكنى أن يؤاجر العبد أو الدار . وقال ولو أوصى بغلة عبده أو داره فاستخدمه بنفسه أو سكنها بنفسه : له ذلك لأنه بالوصية ملك المنفعة فيملك تمليكها من غيره ببدل أو غير بدل لأنها كالأعيان عنده ، بخلاف العارية لأنها إباحة على أصله وليس بتمليك ولنا أن الوصية تمليك بغير بدل مضاف إلى ما بعد الموت فلا يملك تمليكه ببدل اعتبارا بالإعارة فإنها تمليك بغير بدل في حالة الحياة على أصلنا ، ولا يملك المستعير الإجارة لأنها تمليك ببدل ، كذا هذا . الشافعي
وتحقيقه أن التمليك ببدل لازم وبغير بدل غير لازم ، ولا يملك الأقوى بالأضعف والأكثر بالأقل ، والوصية تبرع غير لازم إلا أن الرجوع للمتبرع لا لغيره والمتبرع بعد الموت لا يمكنه الرجوع فلهذا انقطع ، أما هو في وضعه فغير لازم ، ولأن المنفعة ليست بمال على أصلنا وفي تمليكها بالمال إحداث صفة المالية فيها تحقيقا للمساواة في عقد المعاوضة ، [ ص: 488 ] فإنما تثبت هذه الولاية لمن يملكها تبعا لملك الرقبة ، أو لمن يملكها بعقد المعاوضة حتى يكون مملكا لها بالصفة التي تملكها ، أما إذا تملكها مقصودة بغير عوض ثم ملكها بعوض كان مملكا أكثر مما تملكه معنى وهذا لا يجوز ، وليس للموصى له أن يخرج العبد من الكوفة إلا أن يكون الموصى له وأهله في غير الكوفة فيخرجه إلى أهله للخدمة هنالك إذا كان يخرج من الثلث ، لأن الوصية إنما تنفذ على ما يعرف من مقصود الموصي ، فإذا كانوا في مصره فمقصوده أن يمكنه من خدمته فيه بدون أن يلزمه مشقة السفر ، وإذا كانوا في غيره فمقصوده أن يحمل العبد إلى أهله ليخدمهم .