قال ( لم يكن لأحدهما أن يتصرف عند ومن أوصى إلى اثنين أبي حنيفة دون صاحبه ) إلا في أشياء معدودة نبينها إن شاء الله تعالى . وقال ومحمد : ينفرد كل واحد منهما بالتصرف في جميع الأشياء لأن الوصاية سبيلها الولاية وهي وصف شرعي لا تتجزأ فيثبت لكل منهما كاملا كولاية الإنكاح للأخوين ، وهذا لأن الوصاية خلافة ، وإنما تتحقق إذا انتقلت الولاية إليه على الوجه الذي كان ثابتا للموصي وقد كان بوصف الكمال ، ولأن اختيار الأب إياهما يؤذن باختصاص كل واحد منهما بالشفقة فينزل ذلك منزلة قرابة كل واحد منهما . ولهما أن الولاية تثبت بالتفويض فيراعى وصف التفويض وهو وصف الاجتماع إذ هو شرط مقيد ، وما رضي [ ص: 503 ] الموصي إلا بالمثنى وليس الواحد كالمثنى ، بخلاف الأخوين في الإنكاح لأن السبب هنالك القرابة وقد قامت بكل منهما كملا ، ولأن الإنكاح حق مستحق لها على الولي ، حتى لو طالبته بإنكاحها من كفؤ يخطبها يجب عليه وهاهنا حق التصرف للوصي ، ولهذا يبقى مخيرا في التصرف ، ففي الأول أوفى حقا على صاحبه فصح ، وفي الثاني استوفى حقا لصاحبه فلا يصح أصله الدين الذي عليهما ولهما ، بخلاف الأشياء المعدودة لأنها من باب الضرورة لا من باب الولاية ، ومواضع الضرورة مستثناة أبدا ، وهي ما استثناه في الكتاب وأخواتها . أبو يوسف
فقال ( إلا ) لأن في التأخير فساد الميت ولهذا يملكه الجيران عند ذلك في شراء كفن الميت وتجهيزه لأنه يخاف موتهم جوعا وعريا ( وطعام الصغار وكسوتهم ) لأنها ليست من باب الولاية فإنه يملكه المالك ، وصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه [ ص: 504 ] وحفظ المال يملكه من يقع في يده فكان من باب الإعانة . ولأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي ( ورد الوديعة بعينها ورد المغصوب والمشترى شراء فاسدا وحفظ الأموال وقضاء الديون ) لأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي ( وتنفيذ وصية بعينها وعتق عبد بعينه ) لأن الاجتماع فيها متعذر ولهذا ينفرد بها أحد الوكيلين ( والخصومة في حق الميت ) لأن في التأخير خيفة الفوات ، ولأنه يملكه الأم والذي في حجره فلم يكن من باب الولاية ( وقبول الهبة ) لأن فيه ضرورة لا تخفى ( وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف ) لأن في التأخير خشية الفوات ، ولأنه يملكه كل من وقع في يده فلم يكن من باب الولاية . ( وجمع الأموال الضائعة )
وفي الجامع الصغير : وليس لأحد الوصيين أن يبيع ويتقاضى ، والمراد بالتقاضي الاقتضاء ، كذا كان المراد منه في عرفهم ، وهذا لأنه رضي بأمانتهما جميعا في القبض ، ولأنه في معنى المبادلة لا سيما عند اختلاف الجنس على ما عرف فكان من باب الولاية قيل ينفرد كل واحد منهما بالتصرف بمنزلة الوكيلين إذا وكل كل واحد على الانفراد ، وهذا لأنه لما أفرد فقد رضي برأي الواحد . وقيل الخلاف في الفصلين واحد ، وهو [ ص: 505 ] وهو الأصح لأن وجوب الوصية عند الموت بخلاف الوكيلين ، لأن الوكالة تتعاقب ، ولو أوصى إلى كل واحد على الانفراد جعل القاضي مكانه وصيا آخر ، أما عندهما فلأن الباقي عاجز عن التفرد بالتصرف فيضم القاضي إليه وصيا آخر نظرا للميت عند عجزه . وعند فإن مات أحدهما الحي منهما وإن كان يقدر على التصرف فالموصي قصد أن يخلفه متصرفا في حقوقه ، وذلك ممكن التحقق بنصب وصي آخر مكان الميت . أبي يوسف