وكل ما من همزتين وردا في كلمة بصورة قد أفردا
فقيل: صورة للأولى منهما وقيل: بل هي إلى ثانيهما
وزاد بعض العلماء وجها ثالثا فيهما، وهو الاكتفاء بالنقطة عن الدارة، وهذا الوجه الثالث هو الذي يقتضيه قول الناظم فيما تقدم: "وذا الذي ذكرت في المسهل" إلخ، كما نبهنا عليه هناك غير أن الناظم يجعل النقطة المكتفى بها علامة التسهيل. ومن يقول بالوجه الثالث يجعل النقطة علامة الحركة، والوجه الذي اقتضاه كلام الناظم فيما تقدم هو الذي يعطيه القياس، وبه جرى العمل عندنا في باب: أإفكا كما قدمناه في شرح قول الناظم: "وذا الذي ذكرت في المسهل" إلخ. وأما: أأنبئكم ، فالعمل عندنا بتونس في ضبطه على الوجه الأول الذي استحسنه وهو جعل دارة على الواو، وجعل نقطة أمام الواو، وعمل في [ ص: 283 ] بعض البلاد بجعل نقطة فوق الواو. الداني،
فإن قلت: لم أعرض الناظم عن ذكر الدارة مع أن الواو في: أأنبئكم والياء في باب: أإفكا كلاهما كالزائد كما تقدم في توجيه الوجه الأول؟ "فالجواب": أن الناظم لما قدم في الرسم أن الواو والياء في ذلك كتبتا على مراد الوصل لا على أنهما زائدتان، أعرض عن ذكر الدارة، واقتصر على اندراج ذلك في عموم التسهيل بين بين الذي يكتفى فيه بالنقط، وذلك منه حسن جدا رحمه الله، وقوله: "قد أفردا" حال من فاعل: "ورد" ومعنى أفرد خص، وقوله: "صورة" خبر لمبتدأ محذوف أي: هي، وقوله: "هي" مبتدأ خبره محذوف أي: صورة، و: "إلى" في قوله "إلى ثانيهما" بمعنى اللام، ثم قال:
وذا الأخير اختير في المتفقين وأول الوجهين في المختلفين
ففي اتفاق تجعل المبينه من قبلها وفوقها الملينه
فإن قلت: أطلق الناظم في هذا النقط، فظاهر كلامه أنه يجري على قراءة التسهيل بين بين، وعلى قراءة البدل حرف مد، وليس كذلك عند أهل النقط، بل هو عندهم خاص بقراءة التسهيل بين بين، فالجواب: إنما فعل ذلك اتكالا على ما تقدم له من أن علامة التسهيل إنما تجعل للمسهل بين بين، أو بالبدل حرفا محركا دون ما أبدل حرف مد، ولذلك لا يرد عليه ما كانت الثانية فيه ساكنة من هذا القسم نحو: آمن ، فكأنه يقول: اجعل الأولى من المتفقتين -وهي المحققة التي عبر عنها بالمبينة- نقطة صفراء قبل الألف، واجعل الثانية إن كانت مسهلة بين بين وهو مراده بالملينة نقطة حمراء على الألف، فلا يدخل في كلامه المبدلة حرف مد ساكنة كانت أو متحركة، وفي قوله: "المبينة" إشعار بأن هذا الحكم خاص بما إذا كانت محققة، وأما لو خففت بالنقل نحو: رحيم ، أأشفقتم ، فلا تجعل الصفراء؛ وهو كذلك; لأن الذي يجعل حينئذ في موضعها إنما هو جرة كما سيقوله بعد هذا.
"تنبيه": اقتصر الناظم وغيره على بيان نقط هذا النوع على قراءة التسهيل، ولم يتكلموا على نقطه على قراءة البدل حرف مد; لأن المبدل حرف مد لا تجعل عليه علامة حسبما دل عليه كلامه أول الباب، والضمير في قوله: "من قبلها" وقوله: "فوقها" يعود على الصورة،