قال تعالى : ( من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ( 93 ) ) .
قوله تعالى : ( حلا ) : أي حلالا ، والمعنى كان كله حلا . ( إلا ما حرم ) : في موضع نصب ; لأنه استثناء من اسم كان والعامل فيه كان .
ويجوز أن يعمل فيه حلا ، ويكون فيه ضمير يكون الاستثناء منه ; لأن حلا وحلالا في موضع اسم الفاعل بمعنى الجائز والمباح . ( من قبل ) : متعلق بحرم .
قال تعالى : ( فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون ( 94 ) ) .
قوله تعالى : ( من بعد ذلك ) : يجوز أن يتعلق بافترى ، وأن يتعلق بالكذب .
قال تعالى : ( وما كان من المشركين قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا ( 95 ) ) .
قوله تعالى : ( قل صدق الله ) : الجمهور على إظهار اللام وهو الأصل ، ويقرأ بالإدغام ; لأن الصاد فيها انبساط ، وفي اللام انبساط بحيث يتلاقى طرفاهما فصارا متقاربين ; والتقدير : قل لهم صدق الله .
( حنيفا ) : يجوز أن يكون حالا من إبراهيم ومن الملة ; وذكر لأن الملة والدين واحد .
قال تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ( 96 ) ) .
قوله تعالى : ( وضع للناس ) : الجملة في موضع جر صفة لبيت ، والخبر " للذي " .
[ ص: 225 ] و ( مباركا وهدى ) : حالان من الضمير في وضع . وإن شئت في الجار ، والعامل فيهما الاستقرار .
قال تعالى : ( ومن كفر فإن الله غني عن العالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ( 97 ) ) .
قوله تعالى : ( فيه آيات بينات ) : يجوز أن تكون الجملة مستأنفة مضمرة لمعنى البركة والهدى . ويجوز أن يكون موضعها حالا أخرى . ويجوز أن تكون حالا من الضمير في قوله للعالمين ; والعامل فيه هدى . ويجوز أن تكون حالا من الضمير في " مباركا " وهو العامل فيها . ويجوز أن تكون صفة لهدى كما أن للعالمين كذلك . و ( مقام إبراهيم ) : مبتدأ والخبر محذوف ; أي منها مقام إبراهيم . ( ومن دخله ) : معطوف عليه ; أي ومنها أمن من دخله . وقيل : هو خبر ، تقديره : هي مقام . وقيل : بدل ، وعلى هذين الوجهين قد عبر عن الآيات بالمقام ، وبأمن الداخل . وقيل : ( ومن دخله ) : مستأنف ، ومن شرطية . و ( حج البيت ) : مصدر يقرأ بالفتح والكسر وهما لغتان . وقيل : الكسر اسم للمصدر ، وهو مبتدأ ، وخبره " على الناس " . ولله يتعلق بالاستقرار في على ، تقديره : استقر لله على الناس . ويجوز أن يكون الخبر لله وعلى الناس متعلق به ، إما حالا ، وإما مفعولا ، ولا يجوز أن يكون لله حالا ; لأن العامل في الحال على هذا يكون معنى ، والحال لا يتقدم على العامل المعنوي . ويجوز أن يرتفع " الحج " بالجار الأول ، أو الثاني ، والحج مصدر أضيف إلى المفعول . ( من استطاع ) : بدل من الناس بدل بعض من كل ، وقيل : هو في موضع رفع تقديره : هم من استطاع والواجب عليه من استطاع ، والجملة بدل أيضا ، وقيل : هو مرفوع بالحج تقديره : ولله على الناس أن يحج البيت من استطاع . فعلى هذا في الكلام حذف ; تقديره : من استطاع منهم ، ليكون في الجملة ضمير يرجع على الأول ، وقيل : من مبتدأ شرط والجواب محذوف ، تقديره : من استطاع فليحج ، ودل على ذلك قوله : ( ومن كفر ) : وجوابها .
قال تعالى : ( من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله ( 99 ) ) .
قوله تعالى : ( لم تصدون ) : اللام متعلقة بالفعل و " من " مفعوله . و ( تبغونها ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من الضمير في تصدون ، أو من السبيل ; لأن فيها ضميرين راجعين إليهما ; فلذلك صح أن تجعل حالا من كل واحد منهما .
[ ص: 226 ] و : ( عوجا ) : حال .