قال تعالى : ( يردوكم بعد إيمانكم كافرين يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب ( 100 ) ) .
قوله تعالى : ( بعد إيمانكم ) : يجوز أن يكون ظرفا ليردوكم ، وأن يكون ظرفا لـ ( كافرين ) وهو في المعنى مثل قوله : ( كفروا بعد إيمانهم ) [ آل عمران : 86 ] .
قال تعالى : ( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ( 103 ) ) .
في قوله : ( ولا تفرقوا ) : الأصل تتفرقوا ، فحذف التاء الثانية ، وقد ذكر وجهه في البقرة ، ويقرأ بتشديد التاء ، والوجه فيه أنه سكن التاء الأولى حين نزلها متصلة بالألف ، ثم أدغم . ( نعمة الله ) : هو مصدر مضاف إلى الفاعل . و ( عليكم ) : يجوز أن يتعلق به ، كما تقول أنعمت عليك ، ويجوز أن يكون حالا من النعمة ، فيتعلق بمحذوف . ( إذ كنتم ) : يجوز أن يكون ظرفا للنعمة ، وأن يكون ظرفا للاستقرار في عليكم ، إذا جعلته حالا . ( فأصبحتم ) : يجوز أن تكون الناقصة ، فعلى هذا يجوز أن يكون الخبر " بنعمته " ; فيكون المعنى " فأصبحتم في نعمته ، أو متلبسين بنعمته ، أو مشمولين . و ( إخوانا ) : على هذا حال يعمل فيها أصبح أو ما يتعلق به الجار . ويجوز أن يكون ( إخوانا ) خبر أصبح ، ويكون الجار حالا يعمل فيه أصبح ، أو حالا من إخوان ; لأنه صفة له قدمت عليه ، وأن يكون متعلقا بأصبح ; لأن الناقصة تعمل في الجار . ويجوز أن يتعلق بـ ( إخوانا ) ; لأن التقدير : تآخيتم بنعمته . ويجوز أن تكون أصبح تامة ، ويكون الكلام في " بنعمته إخوانا " قريبا من الكلام في الناقصة .
والإخوان : جمع أخ ، من الصداقة ، لا من النسب .
والشفا : يكتب بالألف ، وهي من الواو ، تثنية شفوان .
قال تعالى : ( ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ( 104 ) ) .
( ولتكن منكم ) : يجوز أن تكون " كان " هنا التامة ، فتكون " أمة " فاعلا ، و " يدعون " صفته ، ومنكم متعلقة بتكن ، أو بمحذوف ، على أن تكون صفة لأمة قدم عليها فصار حالا .
[ ص: 227 ] ويجوز أن تكون الناقصة ، وأمة اسمها ، ويدعون الخبر ; ومنكم إما حال من أمة ، أو متعلق بكان الناقصة . ويجوز أن يكون يدعون صفة ومنكم الخبر .
قال تعالى : ( وأولئك لهم عذاب عظيم ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات 105 ) ) .
قوله تعالى : ( وجاءهم البينات ) : إنما حذف التاء ; لأن تأنيث البينة غير حقيقي ; ولأنها بمعنى الدليل .
قال تعالى : ( فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ( 106 ) ) .
قوله تعالى : ( يوم تبيض ) : هو ظرف لعظيم ، أو للاستقرار في لهم ، وفي تبيض أربع لغات : فتح التاء وكسرها من غير ألف ، وتبياض بالألف مع فتح التاء وكسرها ، وكذلك تسود .
( أكفرتم ) : تقديره : فيقال لهم أكفرتم ، والمحذوف هو الخبر .
قال تعالى : ( تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين ( 108 ) ) .
قوله تعالى : ( تلك آيات الله ) : قد ذكر في البقرة .
قال تعالى : ( وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ( 110 ) ) .
قوله تعالى : ( كنتم خير أمة ) : قيل : كنتم في علمي . وقيل : هو بمعنى صرتم . وقيل : كان زائدة ; والتقدير : أنتم خير ، وهذا خطأ ; لأن كان لا تزاد في أول الجملة ، ولا تعمل في خير . ( تأمرون ) : خبر ثان ، أو تفسير لخبر ، أو مستأنف .
( لكان خيرا لهم ) : أي لكان الإيمان ، لفظ الفعل على إرادة المصدر . ( منهم المؤمنون ) : هو مستأنف .