قال تعالى : ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ) ( 25 ) .
قوله تعالى : ( ويوم حنين ) : هو معطوف على موضع " في مواطن " .
و ( إذ ) : بدل من " يوم " .
قال تعالى : ( ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ) ( 29 ) .
قوله تعالى : ( دين الحق ) : يجوز أن يكون مصدر " يدينون " وأن يكون مفعولا به ، و " يدينون " بمعنى يعتقدون .
( عن يد ) : في موضع الحال ؛ أي : يعطوا الجزية أذلة .
قال تعالى : ( يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم ) ( 30 ) .
[ ص: 475 ] قوله تعالى : ( عزير ابن الله ) : يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ ، و " ابن " خبره ، ولم يحذف التنوين إيذانا بأن الأول مبتدأ ، وأن ما بعده خبر ، وليس بصفة ، ويقرأ بحذف التنوين ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مبتدأ وخبر أيضا ، وفي حذف التنوين وجهان : أحدهما : أنه حذف لالتقاء الساكنين . والثاني : أنه لا ينصرف للعجمة والتعريف ، وهذا ضعيف ؛ لأن الاسم عربي عند أكثر الناس ، ولأن مكبره ينصرف لسكون أوسطه ، فصرفه في التصغير أولى .
والوجه الثاني : أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره : نبينا ، أو صاحبنا ، أو معبودنا ، و " ابن " صفة ، أو يكون عزير مبتدأ ، و " ابن " صفة ، والخبر محذوف ؛ أي : عزير ابن الله صاحبنا .
والثالث : أن ابنا بدل من عزير ، أو عطف بيان ، و " عزير " على ما ذكرنا من الوجهين ، وحذف التنوين في الصفة ؛ لأنها مع الموصوف كشيء واحد .
( ذلك ) : مبتدأ ، و ( قولهم ) : خبره . و ( بأفواههم ) : حال . والعامل فيه القول ، ويجوز أن يعمل فيه معنى الإشارة ، ويجوز أن تتعلق الباء بيضاهئون .
فأما : ( يضاهئون ) : فالجمهور على ضم الهاء من غير همز ، والأصل ضاهى ، والألف منقلبة عن ياء ، وحذفت من أجل الواو ، وقرئ بكسر الهاء ، وهمزة مضمومة بعدها ، وهو ضعيف ، والأشبه أن يكون لغة في ضاهى ، وليس مشتقا من قولهم : امرأة ضهياء ؛ لأن الياء أصل والهمزة زائدة ، ولا يجوز أن تكون الياء زائدة ؛ إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء .
قال تعالى : ( والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) ( 31 ) .
قوله تعالى : ( والمسيح ) : أي : واتخذوا المسيح ربا ، فحذف الفعل ، وأحد المفعولين ، ويجوز أن يكون التقدير : وعبدوا المسيح .
( إلا ليعبدوا ) : قد تقدم نظائره .
[ ص: 476 ] قال تعالى : ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ) ( 32 ) .
قوله تعالى : ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) ، يأبى بمعنى يكره ، ويكره بمعنى يمنع ، فلذلك استثنى لما فيه من معنى النفي ، والتقدير : يأبى كل شيء إلا إتمام نوره .