قال تعالى : ( ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ) ( 34 ) .
قوله تعالى : ( والذين يكنزون ) : مبتدأ ، والخبر ( فبشرهم ) . ويجوز أن يكون منصوبا تقديره : بشر الذين يكنزون .
( ينفقونها ) : الضمير المؤنث يعود على الأموال ، أو على الكنوز المدلول عليها بالفعل ، أو على الذهب والفضة لأنهما جنسان ، ولهما أنواع ، فعاد الضمير على المعنى ، أو على الفضة ؛ لأنها أقرب ، ويدل ذلك على إرادة الذهب . وقيل : يعود على الذهب ويذكر ويؤنث .
قال تعالى : ( هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ) ( 35 ) .
قوله تعالى : ( يوم يحمى ) : ظرف على المعنى ؛ أي : يعذبهم في ذلك اليوم ، وقيل : تقديره : " عذاب يوم " ، و " عذاب " بدل من الأول ، فلما حذف المضاف أقام اليوم مقامه ، وقيل التقدير : اذكر . و ( عليها ) : في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل ، وقيل : القائم مقام الفاعل مضمر ؛ أي : يحمى الوقود ، أو الجمر . ( بها ) : أي بالكنوز . وقيل : هي بمعنى فيها ؛ أي في جهنم . وقيل : " يوم " ظرف لمحذوف تقديره : يوم يحمى عليها يقال لهم هذا ما كنزتم .
قال تعالى : ( منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض ) ( 36 ) .
قوله تعالى : ( إن عدة الشهور ) : " عدة " مصدر مثل العدد . و ( عند ) : معمول له . و " في كتاب الله " صفة لاثني عشر ، وليس بمعمول لعدة ؛ لأن المصدر إذا أخبر عنه لا يعمل فيما بعد الخبر .
[ ص: 477 ] و ( يوم خلق ) : معمول لكتاب على أن " كتابا " هنا مصدر لا جثة ، ويجوز أن يكون جثة ، ويكون العامل في معنى الاستقرار .
وقيل : " في كتاب الله " بدل من عند ؛ وهو ضعيف ، لأنك قد فصلت بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل .
( منها أربعة ) : يجوز أن تكون الجملة صفة لاثنى عشر ، وأن تكون حالا من استقرار ، وأن تكون مستأنفة .
( فيهن ) : ضمير الأربعة . وقيل ضمير اثني عشر .
و ( كافة ) : مصدر في موضع الحال من المشركين ، أو من ضمير الفاعل في " قاتلوا " .