مسألة : قال
الشافعي : " ولو
nindex.php?page=treesubj&link=11564قال متى أعطيتني ألفا فأنت طالق " فذلك لها وليس له أن يمتنع من أخذها ولا لها إذا أعطته أن ترجع فيها " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11564قال لها متى أعطيتني ألفا فأنت طالق ، أو متى ما أعطيتني ألفا فأنت طالق ، فهما سواء ، لأن " ما " حرف صلة تدخل في الكلام للتأكيد لا يفيد نفيا ولا إثباتا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله لنت لهم [ آل عمران : 159 ] أي فبرحمة من الله ، وإذا كان كذلك فأي وقت أعطته الألف طلقت على الفور أو على التراخي ، لأن " متى " حرف وضع للتراخي في الأوقات ، وهكذا لو قال : أي وقت أعطيتني ألفا ، أو : في أي زمان أعطيتني ألفا فأنت طالق ، فهو على التراخي متى أعطته الألف طلقت ، لا يختص بوقت دون وقت ، ولا بالفور دون التراخي ، لأن كل هذه الحروف يختص بالزمان فعمت جميع الأزمان .
فإن قيل : أفليس لو
nindex.php?page=treesubj&link=11564قال إن أعطيتني ألفا أو قال : إذا أعطيتني ألفا أنت طالق أنه يكون على الفور ، وإن اختلف حكم " إن " و " إذا " في الشرط ، لأن اقتران العوض بهما سوى بين حكميهما في الفور تغليبا لحكم العوض المستحق قبوله على الفور فهلا كان قوله : متى أعطيتني ألفا ، يجب حمله على الفور ، وإن كان موضوعا للتراخي تغليبا لحكم العوض .
قيل : الفرق بينهما أن " إذا " و " إن " من حروف الشرط التي لا تختص بالزمان ، و " متى " من حروف الزمان التي تعم جميعها حقيقة والعوض مختص بالفور من طريق الاستدلال ، لا من طريق الحقيقة فإذا اقترن بحرف الشرط حمل على مقتضاه من الفور ، وإن كان بالاستدلال ، لأنه لم تعارضه ما ينافيه ، وإذا اقترن بحرف الزمان الموجب للتراخي حمل على التراخي ، لأن ما أوجب التراخي من طريق الحقيقة غير محتمل ، وما أوجب الفور من طريق الاستدلال محتمل ، كما تقول في القياس إنه يخص بالعموم ، لأنه محتمل ولا يخص النص ، لأنه غير محتمل ، فإذا دخل على " متى "
[ ص: 46 ] حرف النفي فقال لها : متى لم تعطني ألفا فأنت طالق ، فاقتضى ذلك الفور على التراخي ، فمتى جاء زمان يمكنها دفع الألف فيه فلم تدفعها طلقت ، والفرق بينهما هو أن " متى " يختص بالزمان ، فإذا اقترن به الإثبات صار تقديره : متى جاء زمان أعطيتني فيه ألفا فأنت طالق ، فإذا أعطته بعد تراخي الزمان فقد جاء زمان دفعت فيه الألف فطلقت .
فأما إذا اقترن به حرف النفي صار تقديره متى جاء زمان لم تدفعي فيه ألفا فأنت طالق ، فإذا مضى زمان المكنة فقد جاء زمان يمكنها دفع الألف فيه فطلقت .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : " وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=11564قَالَ مَتَى أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَذَلِكَ لَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَخْذِهَا وَلَا لَهَا إِذَا أَعْطَتْهُ أَنْ تَرْجِعَ فِيهَا " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ ، إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11564قَالَ لَهَا مَتَى أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ مَتَى مَا أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَهُمَا سَوَاءٌ ، لِأَنَّ " مَا " حَرْفُ صِلَةٍ تَدْخُلُ فِي الْكَلَامِ لِلتَّأْكِيدِ لَا يُفِيدُ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ [ آلِ عِمْرَانَ : 159 ] أَيْ فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَيُّ وَقْتٍ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ طُلِّقَتْ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي ، لِأَنَّ " مَتَى " حَرْفٌ وُضِعَ لِلتَّرَاخِي فِي الْأَوْقَاتِ ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ : أَيُّ وَقْتٍ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا ، أَوْ : فِي أَيِّ زَمَانٍ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي مَتَى أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ طُلِّقَتْ ، لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ ، وَلَا بِالْفَوْرِ دُونَ التَّرَاخِي ، لِأَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْحُرُوفِ يَخْتَصُّ بِالزَّمَانِ فَعَمَّتْ جَمِيعَ الْأَزْمَانِ .
فَإِنْ قِيلَ : أَفَلَيْسَ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=11564قَالَ إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا أَوْ قَالَ : إِذَا أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا أَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ ، وَإِنِ اخْتَلَفَ حُكْمُ " إِنْ " وَ " إِذَا " فِي الشَّرْطِ ، لِأَنَّ اقْتِرَانَ الْعِوَضِ بِهِمَا سَوَّى بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا فِي الْفَوْرِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ قَبُولُهُ عَلَى الْفَوْرِ فَهَلَّا كَانَ قَوْلُهُ : مَتَى أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا ، يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ ، وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِلتَّرَاخِي تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْعِوَضِ .
قِيلَ : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ " إِذَا " وَ " إِنْ " مِنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِالزَّمَانِ ، وَ " مَتَى " مِنْ حُرُوفِ الزَّمَانِ الَّتِي تَعُمُّ جَمِيعَهَا حَقِيقَةً وَالْعِوَضُ مُخْتَصٌّ بِالْفَوْرِ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ ، لَا مِنْ طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَإِذَا اقْتَرَنَ بِحَرْفِ الشَّرْطِ حُمِلَ عَلَى مُقْتَضَاهُ مِنَ الْفَوْرِ ، وَإِنْ كَانَ بِالِاسْتِدْلَالِ ، لِأَنَّهُ لَمْ تُعَارِضْهُ مَا يُنَافِيهِ ، وَإِذَا اقْتَرَنَ بِحَرْفِ الزَّمَانِ الْمُوجِبِ لِلتَّرَاخِي حُمِلَ عَلَى التَّرَاخِي ، لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ التَّرَاخِيَ مِنْ طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ ، وَمَا أَوْجَبَ الْفَوْرَ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ مُحْتَمَلٌ ، كَمَا تَقُولُ فِي الْقِيَاسِ إِنَّهُ يُخَصُّ بِالْعُمُومِ ، لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَلَا يَخُصُّ النَّصَّ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ ، فَإِذَا دَخَلَ عَلَى " مَتَى "
[ ص: 46 ] حَرْفُ النَّفْيِ فَقَالَ لَهَا : مَتَى لَمْ تُعْطِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ الْفَوْرَ عَلَى التَّرَاخِي ، فَمَتَى جَاءَ زَمَانٌ يُمْكِنُهَا دَفْعُ الْأَلْفِ فِيهِ فَلَمْ تَدْفَعْهَا طُلِّقَتْ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ " مَتَى " يَخْتَصُّ بِالزَّمَانِ ، فَإِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الْإِثْبَاتُ صَارَ تَقْدِيرُهُ : مَتَى جَاءَ زَمَانٌ أَعْطَيْتِنِي فِيهِ أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَإِذَا أَعْطَتْهُ بَعْدَ تَرَاخِي الزَّمَانِ فَقَدْ جَاءَ زَمَانٌ دَفَعَتْ فِيهِ الْأَلْفَ فَطُلِّقَتْ .
فَأَمَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ حَرْفُ النَّفْيِ صَارَ تَقْدِيرُهُ مَتَى جَاءَ زَمَانٌ لَمْ تَدْفَعِي فِيهِ أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَإِذَا مَضَى زَمَانُ الْمُكْنَةِ فَقَدْ جَاءَ زَمَانٌ يُمْكِنُهَا دَفْعُ الْأَلْفِ فِيهِ فَطُلِّقَتْ .