الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إن اختلف حرف الشرط بـ " إن " و " إذا " ، فهما معا حرفا شرط فهذا على ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون ذلك في خلع يستحق فيه العوض فيقول لها : أنت طالق على ألف إن شئت ، أو يقول لها : أنت طالق على ألف إذا شئت ، فهما سواء ويعتبر وجود المشيئة منهما على الفور في " إن " ، و " إذا " ، لأن دخول العوض فيه يجعله تمليكا يراعى فيه حكم القبول فاستوى حكم " إذا " و " إن " في اعتبار الفور فيهما فإن تراخى الوقت في أحدهما بطل .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون في غير خلع وبغير عوض ، فإن قال لها : أنت طالق إن شئت ، روعي مشيئتها على الفور فإن تراخت بطلت ، ولم تطلق وإن قال : أنت طالق إذا شئت صحت مشيئتها على التراخي ، فمتى شاءت طلقت ، لأنهما وإن كانا حرفي شرط فـ " إن " شرط في الفعل ، و " إذا " شرط في الوقت ، لأنه يحسن أن يقال : إن تأتني آتك ، ولا يحسن أن يقال : إذا تأتيني آتك ، فلما كانت " إن " شرطا في الفعل ، وهو [ ص: 42 ] مقصود روعي تقديمه فصار على الفور ، ولما كان " إذا " شرطا في الوقت ، وكان جميعه متساويا صار على التراخي .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن يدخل معهما حرف النفي فيكون حكمهما بضد ما تقدم . مثاله أن يقول : إن لم تشائي فأنت طالق فيكون على التراخي ، فمتى شاءت لم تطلق ، ولو قال : إذا لم تشائي فأنت طالق فيكون ذلك على الفور ، فإن شاءت في الحال لم تطلق ، وإن لم تشأ حتى تراخى الزمان طلقت ، كمن لم تشأ لأنهما وإن كانا حرفي شرط فـ " إن " موضوعة للشك والتوهم فصارت بالنفي على التراخي لتفيد بفوات الفعل يقينا فلذلك جعلت على التراخي ، وليس كذلك " إذا " لأنها موضوعة لليقين ، فإذا تأخر الفعل عن وقت إمكانه فقد خالف موضوعه فلذلك صار على الفور .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية