الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا ، فكل ما كان متصلا ببدنها اتصال الخلقة من جميع الأطراف والشعر ، وإذا أوقع عليه الطلاق ، وقع على جميعها على ما قدمناه من وجهي أصحابنا في وقوعه جملة أو سراية . فأما ما لم يكن متصلا اتصال الخلقة ، كالحمل [ ص: 244 ] والأذن الملصقة بعد القطع ، فلا تطلق بطلاقه . وكذلك الدم والريق والعرق ، لأن البدن وعاؤه وليس بمتصل به ، كما يكون وعاء للطعام والشراب ، ولذلك ينفصل عن البدن كانفصال الطعام والشراب ، فلذلك لم تطلق بطلاقه .

                                                                                                                                            وقال ابن أبي ليلى : تطلق بطلاق ذلك ، لكونه من جملتها وفي بدنها كسائر أعضائها ، وهذا خطأ لما عللنا به ، وأنه يجري مجرى قوله : ثيابك طالق ، وهكذا لو أوقع الطلاق على أفعالها فقال : أكلك طالق ، أو شربك طالق أو قيامك طالق أو رقودك طالق ، وهكذا إذا أوقعه على حواسها فقال : نظرك طالق أو سمعك طالق أو ذوقك طالق أو لمسك طالق لم تطلق ، لانفصاله عنها ، إلا أن يوقعه على جوارح هذه الحواس فيقول : عينك طالق ، وأذنك طالق ، وأنفك طالق ولسانك طالق فتطلق ، فإن قال : عندك طالق لم تطلق أيضا ، فأما إن قال : بياضك طالق أو سوادك طالق ، أو لونك طالق ففي وقوعه عليها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : تطلق ، لأنه من ذاتها التي لا تنفصل عنها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها لا تطلق ، لأن الألوان أعراض تحل الذات وليست أجساما كالذات .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية