الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو قال إحداكما طالق ثلاثا منع منهما وأخذ بنفقتهما حتى يبين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            إذا قال وله زوجتان : إحداكما طالق ثلاثا ، طلقت إحداهما دون الأخرى .

                                                                                                                                            وقال مالك : طلقتا معا ، لأن إرسال الطلاق عليهما يجعل لكل واحدة منهما حظا [ ص: 279 ] فطلقتا ، كما لو شرك بينهما . وقال داود : لا طلاق على واحدة منهما ، كما لو قال : لأحد هذين الرجلين علي ألف درهم لم يلزمه لواحد منهما شيء . وكلا المذهبين مدخول ويلزمه طلاق إحداهما دون الأخرى لرواية عطاء عن ابن عباس أن رجلا من أهل عمان أتاه فقال : إن لي ثلاث نسوة وإني طلقت إحداهن ، فثبت طلاقها فقال ابن عباس : إن كنت نويت طلاق واحدة منهن بعينها ، ثم أنسيتها فقد اشتركن في الطلاق ، كما يشتركن في الميراث ، وإن لم تكن نويت واحدة منهن بعينها ، فطلق أيتهن شئت وأمسك الباقيتين . وهذا قول ابن عباس ، وليس أعرف له في الصحابة مخالفا فصار إجماعا .

                                                                                                                                            وقوله : إن كنت نويت واحدة منهن بعينها ، ثم أنسيتها فقد اشتركن في الطلاق ، يعني في تحريم الطلاق لا في وقوعه على ما سنذكره ، ولأن الحظر والإباحة إذا اجتمعا لم يغلب حكم الإباحة إجماعا ، فسقط به قول داود ، وإذا أمكن تمييزها لم يغلب به حكم الحظر ، فبطل به قول مالك . ولأنه لو قال لعبديه : أحدكما حر ، عتق أحدهما ، وبين المعتق منهما كذلك الطلاق وفيما ذكرنا انفصال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية