فصل : فإذا قلنا بالأول أن فلا يقع بها الطلاق وإن نواه من حاضر ولا غائب ، وكذلك العتق ، فإن قلنا بالثاني في أن الكتابة ليست صريحا ولا كناية ، ولا يقع بها الطلاق إذا تجردت عن النية ، فكذلك العتق ، ويصح بها الطلاق والعتاق من الغائب ، وهل يصح من الحاضر أم لا ؟ فيه وجهان : الكتابة كناية يقع بها الطلاق إذا اقترنت بالنية ،
أحدهما : يصح من الحاضر كما يصح من الغائب ، لأن من الحاضر والغائب سواء ، فكذلك الكتابة . كنايات الطلاق والعتاق
والوجه الثاني : أنه لا يصح بها الطلاق والعتاق ، من الحاضر والغائب لأمرين :
أحدهما : أنها من الغائب ضرورة كإشارة الأخرس ، ومن الحاضر غير ضرورة كإشارة الناطق .
والثاني : أنها مستعملة في عرف الغائب ، وغير مستعملة في عرف الحاضر ، فأما [ ص: 169 ] الظهار بالكتابة فهو كالطلاق على قولين ، وأما فلا يصح قولا واحدا ، لأن الإيلاء يمين بالله تعالى لا ينعقد بالكناية ، وأما الإيلاء بالكتابة فإن قيل إن الطلاق لا يقع بهما ولا يكون كناية فيه فأولى ألا ينعقد بها بيع ولا إجارة ، وإن قيل : إن الطلاق يقع بها ، وإنها كناية فيه ، ففي عقد البيع والإجارة بهما وجهان ، من اختلاف أصحابنا في عقد البيع والإجابة بالكتابة ، على وجهين : عقد البيع والإجارة بصريح العقد وكنايته
أحدهما : لا تصح بالكتابة ، إذا قيل إنه لا تصح بالكنايات .
والوجه الثاني : أنه تصح بالكتابة إذا قيل إنه تصح بالكنايات .
وقد حكى أبو حامد المروزي : أنه وجد نصا عن الشافعي ، أنه إذا بكذا صح البيع ، إذا قبله المكاتب إليه ، وكان له الخيار ما لم يفارق مجلسه . والله أعلم . كتب إلى رجل في بلد أني قد بعتك داري فيه