الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثالث : وهو أن يكون بذله صريحا وقبولها كناية .

                                                                                                                                            فصورته أن يقول لها : طلقي نفسك ، أو قد جعلت بيدك طلاق نفسك ، فتقول : قد اخترت نفسي أو قد أبنت نفسي ، فتعتبر نية الزوجة ولا تعتبر نية الزوج ، لأن صريح الزوج لا يفتقر إلى نية وكناية الزوجة تفتقر إلى النية ، فإذا قالت ذلك ناوية للطلاق طلقت ، على قول جمهور أصحابنا ، وقال منهم أبو عبيد بن حربويه ، وأبو علي بن خيران : لا تطلق لأن قبول الصريح يكون صريحا للنكاح ، وهذا فاسد ، لأن الكناية مع النية تقوم مقام الصريح بغير نية ، وجرى اختلاف الصريح والكناية مجرى اختلاف الصريحين واختلاف الكنايتين وإذا كان كذلك وسئلت الزوجة عن نيتها ، فقالت : ما أردت الطلاق . لم تطلق ، فإن أكذبها الزوج طلقت بإقراره أنها قد نوت ، وإن قالت : أردت الطلاق ، طلقت فإن أكذبها الزوج كان القول قولها مع يمينها ، لأن النية باطنة لا تعرف إلا من جهتها .

                                                                                                                                            وقال أبو سعيد الإصطخري : القول قول الزوج مع يمينه ، ولا يصدق قولها في وقوع الطلاق عليه كما لو ادعته ، وكما لو قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فقالت : قد دخلت ، وهذا خطأ ، لأن تعليق الطلاق بما يعتبر فيه نيتها ، أخفى من تعليقه بحيضها ، فلما كان لو قال لها إذا حضت فأنت طالق ، فقالت : قد حضت ، قبل فيه قولها ، وإن أكذبها ، فأولى أن يقبل قولها فيما تعلق من نيتها ، لأن إقامة البينة على نيتها أشد تعذرا من إقامتها على حيضها ، لاستحالة تلك وإمكان هذه ، وخالف قوله لها : إن دخلت الدار فأنت طالق فتدعي دخولها ، فلا يقبل قولها ، لأنه يمكنه إقامة البينة على دخولها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية