فصل : وأما القسم الثالث : وهو أن يكون بذله صريحا وقبولها كناية .
فصورته أن أو قد أبنت نفسي ، فتعتبر نية الزوجة ولا تعتبر نية الزوج ، لأن يقول لها : طلقي نفسك ، أو قد جعلت بيدك طلاق نفسك ، فتقول : قد اخترت نفسي فإذا قالت ذلك ناوية للطلاق طلقت ، على قول جمهور أصحابنا ، وقال منهم صريح الزوج لا يفتقر إلى نية وكناية الزوجة تفتقر إلى النية ، أبو عبيد بن حربويه ، وأبو علي بن خيران : لا تطلق لأن قبول الصريح يكون صريحا للنكاح ، وهذا فاسد ، لأن الكناية مع النية تقوم مقام الصريح بغير نية ، وجرى اختلاف الصريح والكناية مجرى اختلاف الصريحين واختلاف الكنايتين وإذا كان كذلك وسئلت الزوجة عن نيتها ، فقالت : ما أردت الطلاق . لم تطلق ، فإن أكذبها الزوج طلقت بإقراره أنها قد نوت ، وإن قالت : أردت الطلاق ، طلقت فإن أكذبها الزوج كان القول قولها مع يمينها ، لأن النية باطنة لا تعرف إلا من جهتها .
وقال أبو سعيد الإصطخري : القول قول الزوج مع يمينه ، ولا يصدق قولها في وقوع الطلاق عليه كما لو ادعته ، وكما لو وهذا خطأ ، لأن تعليق الطلاق بما يعتبر فيه نيتها ، أخفى من تعليقه بحيضها ، فلما كان لو قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فقالت : قد دخلت ، قبل فيه قولها ، وإن أكذبها ، فأولى أن يقبل قولها فيما تعلق من نيتها ، لأن إقامة البينة على نيتها أشد تعذرا من إقامتها على حيضها ، لاستحالة تلك وإمكان هذه ، وخالف قوله لها : إن دخلت الدار فأنت طالق فتدعي دخولها ، فلا يقبل قولها ، لأنه يمكنه إقامة البينة على دخولها . قال لها إذا حضت فأنت طالق ، فقالت : قد حضت ،