مسألة : قال الشافعي : " ولو قال إذا رأيت هلال شهر كذا حنث إذا رآه غيره إلا أن يكون أراد رؤية نفسه " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا فإن رآه جميع الناس طلقت إجماعا ، وإن رآه الناس دونه طلقت عندنا ، وقال قال : إذا رأيت هلال شهر رمضان فأنت طالق ، أبو حنيفة : لا تطلق متى يراه بنفسه ، لأن تعليق الحنث برؤيته لا يوجب وقوعه برؤية غيره ، كما لو قال : إذا رأيت زيدا فأنت طالق ، فرآه غيره ، لم تطلق ، وهذا فاسد ، لأن الشرع قد قرر أن رؤية غيره للهلال كرؤيته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : . صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته
ثم عليه أن يصوم ويفطر برؤية غيره ، فوجب أن يكون إطلاق رؤية الشهر محمولا على ما قيده الشرع وليس كذلك ، إذا علقه برؤية زيد ، لأن الشرع ما جعل رؤية الغير له كرؤيته ، فعلى هذا لو قال : أردت رؤية نفسي ، دين فيما بينه وبين الله تعالى ، على ما نوى ، ولم يحنث إلا برؤية نفسه وحنث في ظاهر الحكم برؤية غيره ، فلو رآه وقد أراد رؤية نفسه في نهار آخر يوم من شعبان قبل غروب شمسه ، ففي حنثه وجهان :
أحدهما : يحنث ، لأنه هلال شهر رمضان وإن تقدمه .
والوجه الثاني : وقد أشار إليه الشافعي في الأم ، أنه لا يحنث ، لأن هلال الشهر ما كان مرئيا فيه ، فلو لم ير هلال رمضان في أوله حتى صار قمرا ففيه وجهان :
أحدهما : يحنث تغليبا للإشارة ، إلا أن يريد حقيقة الاسم .
والوجه الثاني : لا يحنث اعتبارا بحقيقة الاسم إلا أن يريد الإشارة ، واختلفوا متى يصير الهلال قمرا ، فقال قوم : يصير قمرا بعد ثلاث .
وقال آخرون : إذا استدار .
وقال آخرون : إذا بهر ضوؤه ، والله أعلم .