فصل : فأما وهو الذي لا يقدر على دفع الإكراه عن نفسه إلا بالهرب من المكره لحبسه أو لإمساكه ، فإن قدر على الهرب لم يكن مكرها . المكره فيعتبر فيه ثلاثة شروط
وأن يعلم أنه إن خوف المكره بالله تعالى لم يخف لعتوه وبغيه ، فإن علم أنه إن خوفه بالله تعالى خاف وكف فليس بمكره ، وأن لا يكون له ناصر يمنع منه ، ولا شفيع يكفه عنه ، فإن وجد ناصرا أو شفيعا فليس بمكره ، فإذا عدم الخلاص من أحد هذه الوجوه الثلاثة تحقق إكراهه ، فإذا تلفظ حينئذ بالطلاق لم يخل حاله فيه من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يتكلم بالطلاق غير قاصد للفظ الطلاق ولا مريد لإيقاعه فهو الذي لا يقع طلاقه ، لوجود الإكراه على اللفظ وعدم الإرادة في الوقوع .
والقسم الثاني : أن يقصد لفظ الطلاق ، ويريد إيقاعه فطلاق هذا واقع لارتفاع حكم الإرادة بقصده وإرادته .
والقسم الثالث : أن يقصد لفظ الثلاث ولا يريد إيقاعه ففي وقوع الطلاق منه وجهان :
أحدهما : لا يقع طلاقه لفقد الإرادة في الوقوع .
والوجه الثاني : يقع طلاقه لقصده لفظ الطلاق ، فصار فيه كالمختار ، وإذا تلفظ المختار بالطلاق ولم يرد به وقوع الطلاق وقع . والله أعلم .