فصل : ولو لم ترثه ، وبه قال طلقها في مرضه المخوف ثم صح منه ثم مرض ومات أبو حنيفة ومالك وقال زفر بن الهذيل : ترث : لأنه طلاق في المرض ، وليس بصحيح : لأن تعقب الصحة قد أخرج مرض الطلاق أن يكون مخوفا ، فلو طلقها في مرضه المخوف ثم قتل فيه أو افترسه سبع أو نهشته أفعى فكان موته من غيره ، قال أصحابنا : لم ترث : لأن حدوث الموت من غيره فنفي عنه حكم الخوف . وهكذا لو طلقها في مرضه فارتدت عن الإسلام ثم عادت إليه قبل موته لم ترث قولا واحدا : [ ص: 269 ] لأنها قد صارت بالردة في حال لو مات فيها لم ترثه ، وإن كانت ذمية فطلقها في مرضه ثم أسلمت قبل موته لم ترثه : لأنه لو مات وقت طلاقه وقبل إسلامها لم ترثه ، فانتفت التهمة عنه ، ولو أسلمت ثم طلقها ورثت ، ولو قال لها في مرض موته : إن أسلمت فأنت طالق فأسلمت ورثت لتهمته ، وهكذا لو كانت زوجته أمة فطلقها في مرضه ثم أعتقت لم ترث ، ولو أعتقت ثم طلقها ورثت .
فلو أوقع الطلاق في حالة واحدة وذلك بأن يعلق الزوج طلاقها بقدوم زيد ، ويعلق السيد عتقها بقدوم زيد ، فيكون قدوم زيد موقعا لطلاقها وعتقها ، فيغلب فيها حكم الأسبق منهما ، فإن سبق الزوج السيد فقال : إن قدم زيد فأنت طالق ثم تلاه السيد فقال : إن قدم زيد فأنت حرة فلا ميراث لها : لارتفاع التهمة عن الزوج ، وإن سبق السيد فقال : إن قدم زيد فأنت حرة ثم تلاه الزوج فقال : إن قدم زيد فأنت طالق ، فلها الميراث لتهمة الزوج ، فلو قال لها السيد : إن طلقك الزوج غدا فأنت اليوم حرة ، فطلقها الزوج من الغد ثلاثا في مرض موته لم ترث قولا واحدا ، سواء علم الزوج بذلك أم لا : لأن العتق لا يقع إلا بالطلاق ، ولوفأعتقها السيد في غد ، ففيه لأصحابنا وجهان : قال الزوج في مرضه : إن أعتقك السيد غدا فأنت اليوم طالق ثلاثا ،
أحدهما : لها الميراث : لتهمة الزوج فتكون كالحرة المبتوتة في المرض .
والثاني : لا ميراث لها لتقدم الطلاق على العتق ، فلو اختلفت مع ورثة الزوج ، فقالت : طلقني بعد عتقي فلي الميراث . وقال الورثة : طلقك قبل عتقك فلا ميراث لك ، فالقول قول الورثة مع أيمانهم ولا ميراث لها : لأن الأصل فيها عدم الإرث حتى يتحقق سبقه . ولو اختلفت الحرة وورثة الزوج فقالت طلقني في مرضه فلي الميراث ، وقال الورثة : طلقك في الصحة فلا ميراث لك ، فالقول قول الزوجة مع يمينها ولها الميراث : لأن الأصل فيها استحقاق الميراث ، ولأننا على يقين من حدوث الطلاق ، وفي شك من تقدمه .